ستظل مشكله التستر، المشكلة الأولى التي تؤثر على اقتصاد الوطن، وستظل الحلول المطروحة، حلولاً مؤقتة، إذ لم يطرح حل جذري لهذه المشكلة. مع التأكيد على أنه ليست هناك جهة واحدة مسؤولة عن ذلك، بل هناك جهات كثيرة يقع عليها واجب القضاء على هذه المشكلة. ولكي نبدأ في وضع القوانين لمحاولة محاربة التستر، يجب أولاً سعودة بعض الأنشطة التي يمكن للسعوديين مزاولتها. وقد زرت جناح القصيم في مهرجان الجنادرية، ورأيت العجيب، رأيت شيخا قصيميا جاوز السبعين يبيع بنفسه الأحذية النجدية، وسألته هل هي صناعتك؟ قال نعم، ولدي محل في بريدة في سوق الحرفيين أعمل فيه يومياً، وأضاف: «أبشرك أموري المادية ممتازة». ولكن: ما الذي يجعل شيخاً مسناً يعمل بهذه المهنة؟ والجواب، لأنه استفاد مادياً فاستمر في عمله، والسبب الأهم أنه لا يوجد من ينافسه من الوافدين. اتصلت على نائب أمين منطقة القصيم المهندس صالح الأحمد، وكنا زملاء دراسة في ثانوية بريدة في أواخر السبعينات الميلادية، سألته لأستوضح منه عن موضوع السعودة فى بريدة، فقال هناك مجالات عديدة تمت سعودتها فى المدينة، تشمل سوق الخضار وسوق التمور وسوق الماشية والبقالات داخل الأحياء، وسألته: هل هناك التزام بذلك؟ قال نعم، هناك التزام ولم يتم الاقتصار على إصدار القرارات فقط، فهناك متابعة دائمة من سمو أمير المنطقة، وهناك لجان تخرج باستمرار من الإمارة والبلدية ومكتب العمل لمتابعة الالتزام بذلك، كما أن البلدية أنشأت سوق الحرفيين، وهو سوق خاص بالسعوديين فقط، ومعظمهم من أصحاب الحرف، وقد بدأوا في تعليم أبنائهم مهنهم، والبلدية تشجعهم بتسديد فاتورتي الكهرباء والماء. كم أرجوا أن يعقد اجتماعاً لأمناء المناطق للوقوف على هذه التجربة الفريدة، والتي تدل على إخلاص العاملين في البلدية. وفي تقديري أننا لا نحتاج إلى دراسات واجتماعات، بل نحتاج إلى قرار واحد فقط ، هو سعودة القطاعات التجارية، وصدقوني ستقل البطالة، وتقل نسبة طالبي الوظائف كثيراً. وآمل أن تعم تجربة بلدية بريدة على كافة مناطق وطننا الحبيب.