كل التحية والتقدير لمقام وزاة العدل ولمعالي وزير العدل الشيخ الدكتور وليد الصمعاني على شفافية الوزارة في نشر المعلومة، والدقة في العرض من خلال حصولنا على الأعداد والوقوعات الفعلية لعقود الزواج وصكوك الطلاق وعدد المأذونين المرخص لهم للعام 1436ه. ومن الزاوية الإحصائية التحليلية، نجد أن منطقة مكةالمكرمة من أكثر المناطق في عدد عقود النكاح من خلال 44019 عقداً، 26 % من هذه العقود تقريباً تم عن طريق المحاكم، والباقي عن طريق المأذونين الشرعيين. في منطقة الرياض كان هناك 33738 عقداً للزواج 14 % تقريباً تم عن طريق المحاكم. احتلت المنطقة الشرقية المركز الثالث ب 14651 عقداً، 16 % منها تم من خلال المحاكم الشرعية. وفي عسير أجري 14286 عقداً، كان نصيب المأذونين منها 96 % تقريباً. وفي منطقة جازان التي كانت في المركز الخامس ب 9434 عقداً، 91 % تم عن طريق المأذونين. 7449 عقداً حصلت في منطقة القصيم94 % منها تقريباً نفذت على يد المأذونين الشرعيين. ويتضح مما سبق أن نسبة إجراء العقود في المحاكم في المناطق الكبرى مثل: مكةالمكرمة، والرياض، والشرقية، أعلى من بعض المناطق الأخرى مثل: عسير، والقصيم، وجازان، يعود ذلك للوقوعات المسجلة لغير السعوديين، أو الزواج من غير السعوديات أو العقود التي هي من اختصاص المحاكم الشرعية. وفيما يخص عدد المأذونين المرخص لهم في المناطق، بينت الأرقام بلغة النسبة والتناسب بين عدد عقود الأنكحة وعدد المأذونين المرخص لهم لكل منطقة كما يلي: في منطقة الرياض يقابل كل مأذون شرعي 20 عقد زواج، وفي مكةالمكرمة فإن كل مأذون يقابله 34 عقد زواج، والمنطقة الشرقية 47 عقداً لكل مأذون، وفي المدينةالمنورة 30 عقداً، وفي عسير 14 عقداً، وفي جازان 25 عقداً، وفي القصيم 27 عقداً، وفي الحدود الشمالية 61 عقداً! وفي نجران 60 عقداً، وفي الجوف 52 عقداً، وأخيراً في الباحة 9 عقود فقط تقابل كل مأذون شرعي في هذه المنطقة!. ويتضح من الأرقام أعلاه، أهمية إعادة النظر في عدد المرخص لهم في بعض المناطق كما في منطقة الحدود الشمالية، ومنطقة نجران، وتجميد الرخص الجديدة في المناطق التي تعاني من وفرة المأذونين نسبة لعدد العقود ومتوسط كل مأذون كما في منطقتي الباحةوعسير. أما نسب الطلاق للعام 1436 ه مقارنة بعدد عقود الزواج التي تمت في المناطق سواء من خلال المحاكم الشرعية أو المأذونين الشرعيين بعدد حالات الطلاق المسجلة في نفس العام، فإن النسب تعدُّ عالية ومخيفة وتشير إلى وجود خلل اجتماعي وثقافي ونقص في المهارات الحياتية للشبان والشابات للتغلب على المشكلات الزوجية والصعوبات التي يواجهونها في بداية حياتهم. سجلت المنطقة الشرقية أعلى نسبة طلاق مقارنة بمناطق المملكة بمقدار 37%. وهذا يعني أن كل 100 حالة زواج يقابلها 37 حالة طلاق مسجلة في العام 1436ه في المركز الثاني منطقة تبوك بنسبة 36%، ثم منطقة القصيم 34%، ثم منطقة الرياض 32%، ثم منطقة الجوف 31%، ثم منطقة الحدود الشمالية 30%، ثم منطقتا مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة بنسبة 29%، ثم منطقة حائل 25%، ثم منطقة الباحة 24%، ثم منطقة نجران 19%، وأقل نسبة طلاق كانت في جازان بنسبة 18%. تشير الأرقام والنسب العالية للطلاق إلى الحاجة الملحة ودون تأخير لعلاج هذه الظاهرة، وذلك لتبعات هذه المشكلة اقتصاديّاً واجتماعيّاً وأمنيّاً. إن أول الحلول يكمن في تكليف الباحثين والمؤسسات البحثية بالتعاون مع الجهات المعنية؛ لرصد الأسباب وراء هذه الظاهرة التي تتنافى مع مبادئنا الإسلامية، وقيمنا العربية الأصيلة، التي تشير إلى خلل ما في تربية النشء وعمل المؤسسات التربوية في تهيئة الشباب والشابات لحياتهم المستقبلية. إن تجارب الدول الأخرى التي عانت من هذه المشكلة وتم القضاء عليها لجديرة بالاهتمام من المسؤولين وصناع القرار. لقد تنبه رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد لنسب الطلاق المرتفعة في بلاده التي بلغت 32% التي من مسبباتها: الضعف المعرفي والمهاري للزوج والزوجة الذي لا يستطيعون من خلاله تجاوز الخلافات، والمعوقات الحياتية. فرض مهاتير دورة لمدة شهر يمنح بعدها المقبل على الزواج من الجنسين رخصة للزواج، ويمنح المتدرب إجازة من عمله حتى انتهاء الدورة؛ لزيادة التركيز على هذه الدورات وتكثيف البرامج وتنوعها كنظام دراسي منضبط حضوراً وانصرافاً. انخفضت النسبة بشكل كبير إلى 7% ليسجل هذا البلد أنه بالمعرفة، والمهارة، والتدريب، يمكن التغلب على الصعوبات. في المملكة العربية السعودية لدينا كل مقومات النجاح، من الأدوات الخاصة للبرامج والفعاليات؛ من محاضرين، ومدربين، وأماكن مناسبة، وموارد، لتطبيق رخصة الزواج، يتبقى أن تحتوي جهة حكومية الفكرة بشكل جدي، وتفرض هذه الدورات قبل الزواج، من خلال تكامل الجهات الحكومية في تعديل أنظمتها، وسن القوانين التي تمكن من نجاح التجربة، كما نجحت في كثير من دول العالم. قال الله عزوجل «وعاشروهن بالمعروف» والمعروف كلمة جامعة لكل قول وفعل وخلق كريم…