كلَّفت القاهرة القوات المسلحة ووزارة الطيران المدني باتخاذ الإجراءات الضرورية لتحديد موقع حطام طائرة «مصر للطيران» المفقودة، في وقتٍ اعتبرت فيه واشنطنوباريس أن من السابق لأوانه معرفة سبب التحطم. وأمر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وزارة الطيران المدني ومركز البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة والقوات البحرية والجوية باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتحديد موقع الحطام. ووجَّه السيسي، بحسب بيانٍ له مساء أمس، ببدء لجنة شكلتها «الطيران المدني» عملها على الفور للوقوف على ملابسات الحادث. وكان مسؤولون مصريون أعلنوا، في وقتٍ سابق، العثور بمساعدة اليونان على حطامٍ تُرجَّح تبعيته للطائرة التي اختفت فجر الخميس فوق البحر المتوسط. ولاحقاً؛ نقلت «رويترز» عن الهيئة اليونانية للسلامة الجوية أن الحطام الذي عُثِرَ عليه قرب منطقة السقوط المحتملة ليس مصدره طائرة. وأكد رئيس الهيئة، أثناسويس بينوس، في تصريحٍ له «حتى الآن؛ يؤكد تحليل الحطام أنه ليس من الطائرة، كما أن نظيري المصري أكد لي أن الحطام ليس من رحلة مصر للطيران». وفي وقتٍ رفضت فيه القاهرة استبعاد أي فرضية؛ فإنها وصفت، على لسان وزير الطيران المدني، احتمال الاعتداء الإرهابي ب «الأكثر ترجيحاً» من الخلل الفني. وقبل إصدار بيانَي الرئاسة المصرية والهيئة اليونانية؛ أفادت شركة «مصر للطيران»، في بيانٍ لها، بالعثور على حطام طائرتها قبالة سواحل اليونان. ولفت البيان، الذي بُثَّ باللغة الإنجليزية على موقع «تويتر»إلى تلقِّي «وزارة الطيران المدني من وزارة الخارجية المصرية خطاباً يفيد العثور على حطام» للطائرة المفقودة. وأصدرت وزارة الطيران المدني المصرية بدورها بياناً أورد عثور أثينا على موادٍ طافية وسترات نجاة يُرجَّح أنها من الحطام. وفي بيانٍ مصري آخر؛ ذكر السفير لدى فرنسا، إيهاب بدوي، أن السلطات اليونانية أبلغت سفارة بلاده لدى أثينا بعثورها على حطام باللونين الأزرق والأبيض خلال بحثها عن الطائرة التي أقلعت من مطار شارل ديجول في باريس قاصدةً القاهرة. وصرَّح بدوي «لا يمكن تأكيد أنه يخص الطائرة، لكن من المنطقي التفكير في أنه حطامها». ويبدو أن هذه البيانات صدرت قبل إعلان أثينا نتيجةً مغايرة. وفي واشنطن؛ قال البيت الأبيض إن التحقيق جارٍ وإن من السابق لأوانه تحديد سبب الحادث. وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، في بيان صحفي «من السابق لأوانه تحديد سبب الكارثة بشكل قاطع، التحقيق جارٍ وسيدرس المحققون كل العوامل المحتملة التي ربما ساهمت في التحطم»، مُقدِّماً التعازي لأسر الضحايا، وعارضاً على السلطات المعنيَّة بالتحقيق مساعدةً من بلاده. واختفت الطائرة، وهي من طراز «إيرباص إيه -320»، من على شاشات الرادار جنوبي جزيرة كريت اليونانية، وعلى متنها 66 شخصاً. وأعلن وزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل، آلان فيداليس، توجُّه 3 محققين من بلاده ومستشاراً تقنياً من «إيرباص» إلى القاهرة للمشاركة في التحقيقات. ويعمل المحققون الثلاثة في مكتب التحقيق والتحليل المسؤول عن التحقيقات الأمنية لدى الطيران المدني الفرنسي. وكان التليفزيون اليوناني الرسمي تحدث، في إفادةٍ مبكرة، عن العثور على الحطام خلال عمليات بحث. قبل ذلك؛ لفت مسؤولون يونانيون إلى انحراف الطائرة في الجو قبل أن تهوي وتختفي وعن العثور على قطع بلاستيكية وسترتي نجاة على سطح الماء على بعد 230 ميلاً جنوبي جزيرة كريت. وأكد وزير الدفاع اليوناني، بانوس كامينوس، انحراف الطائرة في البداية بمقدار 90 درجة يساراً قبل أن تستدير بمقدار 360 درجة باتجاه اليمين، مضيفاً «بعد هبوطها من ارتفاع 37 ألف قدم إلى 15 ألف قدم اختفت من على شاشات الرادارات» الخاصة ببلاده. ونشرت أثينا طائرات وفرقاطة بحرية في المنطقة للمشاركة في جهود البحث. وأبلغ مصدر في وزارة الدفاع اليونانية «رويترز» في وقت سابق ب «رصد جسمين يطفوان في منطقة بحرية على بعد 230 ميلا جنوبي جزيرة كريت. بينما صرَّح رئيس هيئة الطيران المدني اليونانية، كوستاس ليتزيراكي، بأن الطائرة لم تردّ على اتصالات مراقبي الحركة الجوية اليونانيين قبل مغادرتها للمجال الجوي للبلاد واختفت من على شاشات الرادار بعد ذلك بقليل مع دخولها المجال المصري.وشرح قائلاً «المراقبون الجويون تحدثوا مع الطيار فوق جزيرة كيا فيما يعتقد أنه كان آخر اتصال بالطائرة ولم يتم الإبلاغ عن أي مشكلات»، مُبيِّناً «خلال إجراءات التسليم قبل نحو 7 أميال من دخول الطائرة مجال القاهرة الجوي حاول مراقبونا الاتصال بالطيار لكنه لم يرد». وفي تصريحٍ صحفي له؛ رأى رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، أن من المبكر جداً استبعاد أي تفسير للحادث بما في ذلك التعرض لهجوم. وبرغم الحذر؛ ذكر وزير الطيران المصري، شريف فتحي، أن احتمال تسبب هجوم إرهابي في الحادث أكثر ترجيحاً من وجود خلل فني. والركاب هم 56 مسافراً بينهم طفل ورضيعان فضلاً عن طاقم من 7 أشخاص و3 من أفراد الأمن. وأشارت «مصر للطيران» إلى 30 راكباً مصرياً و15 فرنسياً، فضلاً عن بريطاني وبلجيكي وعراقيين اثنين وكويتي وسعودي وسوداني وتشادي وبرتغالي وجزائري وكندي. وأيَّد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، الرأي القائل بعدم استبعاد أي فرضية أو تأييد واحدة على حساب أخرى. وشدَّد «السبب لا يزال غير معروف» و»مع الأسف المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد لنا أن الطائرة سقطت وفُقِدَت». وفي مطار القاهرة الدولي؛ خصصت السلطات قاعة كبار الزوار لأقارب وأصدقاء الركاب. وشوهد رجل وامرأتان قالوا إنهم أقارب أحد أفراد الطاقم يخرجون من القاعة. وصرَّح الرجل «لا نعرف أي شيء»، بينما هرعت أم إحدى الراكبات إلى خارج المكان والدموع تنهمر من عينيها. وفي إفادةٍ عن الرحلة؛ ذكرت «مصر للطيران» أن رحلتها رقم (804) أقلعت من مطار شارل ديجول في اتجاه مطار القاهرة في الساعة 23.09 بالتوقيت الصيفي لوسط أوروبا واختفت الساعة 02.30 صباحاً وكانت على ارتفاع 37 ألف قدم في المجال الجوي المصري وعلى بعد نحو 280 كيلومتراً من الساحل المصري. وكان مقرراً هبوط الرحلة في الساعة 3.15 صباحاً. في سياق متصل؛ كشف مصدر في الشرطة الفرنسية عن استجواب المحققين لضباط كانوا في الخدمة لمعرفة ما إذا كانوا سمعوا أو شاهدوا أي شيء مثير للشك. وشدد المصدر «نحن لا نزال في مرحلة مبكرة هنا». وجاء في إفادة «مصر للطيران» أن الطائرة المفقودة، التي تسلمتها الشركة عام 2003، قامت برحلات استغرقت حوالي 48 ألف ساعة. أما عدد ساعات الطيران لقائد الطائرة فبلغ 6275 ساعة من بينها 2101 ساعة على نفس الطراز. وللطيار المساعد 2766 ساعة. وفي برلين؛ أعلنت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية (يوروكنترول) أن الطقس لم يكن سيئاً في الوقت والمنطقة اللذين اختفت فيهما الرحلة. وجاء في بيان للمنظمة «ليس هناك تأثير كبير على الحركة الجوية في الوقت الحالي رغم وجود أنشطة بحث وإنقاذ في المنطقة». وبموجب قوانين الأممالمتحدة المنظمة للطيران؛ فإنه إذا عُثِرَ على الحطام في المياه الدولية أو في المياه الإقليمية المصرية؛ فإن القاهرة ستقود بشكل تلقائي التحقيقات في الحادث بمساعدة من عواصم أخرى من بينها باريس التي جُمِعَت فيها الطائرة. كما ستشارك واشنطن لكون مقر شركة «برات أند ويتني» المصنِّعة للمحركات يقع في الولاياتالمتحدة. وفي تعليقٍ له؛ قال خبير الطيران، جيرار فيلدزر، ل «فرانس برس»: «تبدو احتمالات وقوع مشكلة تقنية كبرى، انفجار محرك، انفجار على متن الطائرة (…) ضئيلة». وذكر أن طائرة «إيرباص إيه 320 حديثة نسبياً» إذ صُنِّعَت عام 2003». أما المدير السابق للمكتب الفرنسي للتحقيقات والتحاليل، جان بوك تروادك، فعلَّق قائلاً «إنها طائرة عصرية، وقعت الحادثة في أثناء التحليق وسط أجواء مستقرة تماماً»، مذكِّراً بأحقية «مصر للطيران» في تسيير الرحلات من وإلى أوروبا «أي أنها غير مدرجة على اللوائح السوداء». أفاد السفير السعودي لدى مصر، أحمد قطان، بأن سحر خوجة، الموظفة في السفارة، من بين ضحايا طائرة «مصر للطيران» التي اختفت أمس فوق البحر المتوسط. في الوقت نفسه؛ أكدت مصادر وجود أسرة كويتية على متن الرحلة المختفية. وأوضح السفير قطان، في تصريحٍ له، أن خوجة البالغة 25 عاماً كانت في فرنسا لتلقي العلاج من مرض مزمن. والراكبة السعودية نجلة رجل الأعمال الراحل، حسين خوجة، وشقيقة عبدالإله خوجة عضو لجنة الدعاية والإعلان في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، وهي أم لطفل وطفلة (مصريان)، علماً أن الطفلة «تالي» كانت ترافق الأم في رحلتها العلاجية. وسافر عبدالإله مع شقيقته إلى فرنسا، لكنه عاد إلى جدة، فيما قررت هي ونجلتها العودة إلى القاهرة.وبعد سماعه بنبأ اختفاء الرحلة؛ توجَّه عبدالإله إلى المطار قاصداً العاصمة المصرية لمواساة والدته المقيمة هناك ونجل شقيقته. وأكد السفير أن خوجة كانت موظفة ملتزمة تتمتع بحسن الخُلُق ومساعدة الجميع. إلى ذلك؛ أفيد بأن الكويتي، عبدالمحسن محمد جابر سهيل المطيري، وزوجته، حصة السهيل، ونجليه، بدر ومحمد، ضمن الضحايا. وكان المطيري غادر بلاده إلى فرنسا الإثنين الماضي على متن «طيران الكويتية» لمرافقة زوجته أثناء تلقيها العلاج، ثم قرر العودة إلى القاهرة للمشاركة في مؤتمر، بحسب مصادر. وكانت «مصر للطيران» أكدت في بيانٍ لها أن من بين ركاب الطائرة المفقودة سعودي وكويتي.