رجحت القاهرة فرضية الهجوم الإرهابي في حادث سقوط طائرة ركاب تابعة لشركة «مصر للطيران» كانت في طريقها من باريس إلى القاهرة فجر أمس، لكنها دعت إلى انتظار نتائج التحقيقات. وأعلنت أثينا أن فرق البحث التي تضم قوات مصرية ويونانية وفرنسية وأميركية، عثرت على أجسام طافية جنوب جزيرة كارباثوس في البحر المتوسط، يرجح أنها من الحطام. واختفت الطائرة، وهي من طراز «إرباص 320»، بعدما أقلعت من مطار «شارل ديغول» في باريس وعلى متنها 59 راكباً، بينهم طفل ورضيعتان، إضافة إلى 10 من طاقمها بينهم 3 من أفراد الأمن، بعد دخولها عشرة أميال من المجال الجوي المصري فوق البحر المتوسط. وقالت وزارة الطيران المدني في بيانات صحافية متلاحقة، إن «الطائرة اختفت من على الرادار وفقدت الاتصال بأجهزته في الساعة الثانية و45 دقيقة صباحاً بتوقيت القاهرة وكانت على ارتفاع 37 ألف قدم، واختفت بعد دخول المجال الجوي المصري بعشرة أميال فوق البحر المتوسط، على بعد 280 كيلومتراً من السواحل المصرية». وأوضحت الوزارة أن ساعات الطيران لقائد الطائرة هي 6275 ساعة، بينها 2101 ساعة على نفس الطراز، وللطيار المساعد 2766 ساعة، وأن الطائرة صُنعت في العام 2003. وأشارت الوزارة إلى أن الركاب هم 30 مصرياً و15 فرنسياً وعراقيان وبريطاني وبلجيكي وكويتي وسعودية وسوداني وتشادي وبرتغالي وجزائري وكندي. ونقل بيان لوزارة الطيران المدني عن مسؤول في «مصر للطيران»، أنه «تم الإبلاغ من طريق البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة، باستقبال رسالة استغاثة من أجهزة الطوارئ في الطائرة في الرابعة و26 دقيقة صباحاً بتوقيت القاهرة»، أي بعد أكثر من ساعة ونصف من فقد الاتصال بها. لكن القوات المسلحة نفت ذلك في بيان، مؤكدة «عدم استقبالها أي استغاثة من الطائرة». وبعدها أشار وزير الطيران شريف فتحي إلى أن الحديث عن تلك الاستغاثة كان «خطأ». ودفع الجيش المصري بعدد من الطائرات والوحدات البحرية لتكثيف عمليات البحث عن حطام الطائرة، بمشاركة طائرات يونانية وقطع بحرية تم الدفع بها بالتنسيق مع الجانب المصري. كما شاركت عناصر من القوات الفرنسية في عمليات البحث. ونقلت وكالة «رويترز» عن البحرية الأميركية إن طائرة تابعة لها من طراز «أوريون بي-3» طويلة المدى تساعد في أعمال البحث. وأصر وزير الطيران المدني في مؤتمر صحافي بعد نحو 12 ساعة من فقد الاتصال بالطائرة، على استخدام مصطلح «الطائرة المفقودة»، لكن ذلك كان قبل إعلان اليونان العثور على أجزاء من الحطام. وقال إن «الطائرة مفقودة إلى حين العثور على الحطام والتأكد تماماً من مصيرها. لا ننفي فرضية التحطم، وهي الأرجح، لكن نلتزم بتعبير: الطائرة المفقودة». وأضاف: «لا نستبعد أبداً فرضية أن يكون عملاً إرهابياً وراء الحادث، ولا ننفي أي فرضية أخرى. تلك أمور مبكرة جداً». وأوضح أن «اتصالاً تم بين الطائرة وبرج المراقبة في الساعة الثانية ونصف صباحاً فُقدت بعده الطائرة من على الرادار، وتمت محاولات للاتصال بالطائرة، وبعد نحو 20 دقيقة تأكد عدم القدرة على الاتصال بها». ونفى وزير الطيران وجود أعطال في الطائرة، مشدداً على أن «أي طائرة لا يُمكن أن تُقلع وفيها أي عيوب فنية... هناك من قال إن الطائرة سقطت نتيجة خلل فني، وربط الأمر بأن الطائرة كان فيها عطل في العام 2013، وهذا هراء. تقنياً لا رابط بين الأمرين». وأوضح أن «عمليات البحث عن الطائرة يتم توسيعها بناء على المعطيات، وفي إطار التعاون مع الجانبين اليوناني والفرنسي»، لافتاً إلى «تعاون أبدته فرنسا والشركة المُصنعة للطائرة ومحققوها، لكن في البداية يجب العثور على الحطام، وبعدها ستشكل لجنة مشتركة للتحقيق في الحادث». وأشار إلى أنه «لم يكن هناك أي مشكلة أمنية مع أي من الركاب على الإطلاق، لكن هناك تحقيقات جارية الآن، وهناك دراسة لكل الركاب الذين كانوا على متن الطائرة، وستتخذ الأمور الأمنية في الاعتبار». وأوضح أن «آخر اتصال بالطائرة تم وقد كانت على وشك دخول الأجواء المصرية، ومع اتصالنا بالملاحة اليونانية وجدنا أن الطائرة كانت على بعد 280 كيلومتراً من السواحل المصرية»، لافتاً إلى أن «الاتصال كان عادياً وهي تمر بالأجواء، ولم يكن هناك أي حديث عن مشاكل أو عطل فني، كان إجراء اعتيادياً». ومع ملاحقة الوزير بالأسئلة عن الحادث، قال: «لا أريد الدخول أبداً في أي افتراضات مثل الآخرين، ولكن إذا قمنا بتحليل الموقف في شكل صحيح، نجد أن احتمال أن يكون هناك عمل إرهابي أعلى بكثير من احتمال وجود عطل فني في الطائرة. ولذلك يجب علينا انتظار التحقيقات، وبعدها سنلقي البيان الخاص بنا. أياً كان السبب لا نريد القفز إلى افتراضات، فلا أدلة يمكن من خلالها الجزم بما حدث. علينا أن نحلل كل المعلومات التي تصل من شركائنا قبل إلقاء البيان الخاص بنا، ولا تتوقعوا أن يتم ذلك خلال أيام مثلاً، فهذا لن يتم أبداً». ولفت إلى «تعاون استخباراتي في شأن الحادث». تنسيق مصري - فرنسي وعقد مجلس الأمن القومي المصري اجتماعاً برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمناقشة حادث الطائرة، حضره رئيس مجلس النواب علي عبدالعال ورئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والكهرباء والصحة والتعليم والعدل والمال والطيران المدني، ورئيس الاستخبارات العامة ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي والأمين العام لمجلس الأمن القومي. وقال بيان للرئاسة المصرية إن المجلس ناقش «اختفاء» الطائرة، «وقدم وزير الطيران تقريراً عرض فيه المعلومات المتاحة»، وقرر المجلس «مواصلة جهود البحث من خلال الطائرات والقطع البحرية المصرية، والعمل على كشف ملابسات اختفاء الطائرة في أسرع وقت بالتعاون مع الدول الصديقة مثل فرنسا واليونان، وقيام الحكومة بتقديم أوجه المساعدة كافة لعائلات ركاب وأفراد طاقم الطائرة». وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند اتفقا خلاله على «استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين لكشف ملابسات اختفاء الطائرة». وقال هولاند إنه لا يستبعد أي فرضية في حادث تحطم الطائرة. وأكد هولاند في تصريح، أن «المعلومات التي جمعناها تؤكد أن الطائرة تحطمت وفقدت». وأضاف أن «السلطات الفرنسية اتخذت إجراءات لمساندة ودعم أسر الركاب، ونتعاون مع السلطات المصرية لإطلاعها على ما حصل». واعتبر أن «ما من فرضية مستبعدة أو محبذة حتى الآن... عندما نعرف الحقيقة سيتوجب علينا استخلاص النتائج». وجاء تصريح هولاند بعد اجتماع وزاري مصغر عقد صباحاً في قصر الإليزيه في حضور الوزراء المعنيين. وقال وزير الخارجية جان مارك إرولت إثر زيارة تفقدية لذوي الركاب الموجودين في فندق قرب مطار «شارل ديغول» يرافقه وزير النقل آلان فيداليس، إن «من الضروري توخي الحذر على صعيد أسباب سقوط الطائرة، مراعاةً لمشاعر أسر الركاب»، لكنه لم يستبعد الفرضية الإرهابية. و ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية أن إرولت أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره المصري سامح شكري أبلغه خلاله ب «تعاطف فرنسا مع مصر في هذه الحادثة الأليمة»، واتفقا على «ضرورة تعاون البلدين على مساندة أسر الركاب و البحث عن أسباب سقوط الطائرة». تحقيقان في الحادث وقررت النيابة العامة الفرنسية فتح تحقيق في شأن الحادث، في حين عُلم أن مكتب التحقيق والتحليل الخاص بالطيران المدني في فرنسا سيقوم بتحقيقات من جانبه، كون الطائرة فرنسية الصنع وأقلعت من مطار فرنسي قبل سقوطها. وقالت النيابة العامة في مصر إن النائب العام أحمد صادق أمر بفتح تحقيق عاجل، فيما قالت القوات المسلحة إنها «تتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة في عمليات البحث عن الطائرة المفقودة، إذ دفعت بعدد من طائرات البحث والإنقاذ، إضافة إلى قطع بحرية مخصصة لعمليات الإنقاذ والإغاثة مع رفع درجة استعداد المستشفيات العسكرية ومركز إدارة الأزمات بالتنسيق مع مجلس الوزراء ووزارتي الخارجية والطيران المدني لتقديم الدعم المطلوب»، لافتة إلى أن «أعمال البحث تتم بواسطة الطائرات في منطقة اختفاء الطائرة وباشتراك طائرات من الجانب اليوناني». وتلقى وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، اتصالاً هاتفياً من نظيره اليوناني لتنسيق الدعم المطلوب لأعمال البحث والإنقاذ بواسطة عناصر من القوات الجوية والبحرية اليونانية في منطقة «اختفاء» الطائرة بالتعاون مع عناصر القوات المسلحة المصرية، فضلاً عن مشاركة عناصر من القوات الفرنسية في عمليات البحث، في تعاون وتنسيق تام لجهود العناصر المشاركة في عمليات البحث من الدول الثلاث. وذكرت وكالة «رويترز» أن اليونان رصدت جسمين طافيين في البحر على مسافة 50 ميلاً جنوب شرقي المنطقة التي اختفت فيها طائرة مصر للطيران عن الرادار، فيما نقلت وكالة «فرانس برس» عن الناطق باسم الجيش اليوناني فاسيليس بيلتسيوتيس، أن طائرة مصرية عثرت على حطام قد يكون للطائرة، قبالة جزيرة كريت اليونانية. وقال: «عثرت طائرة سي130 مصرية على حطام في جنوب شرق جزيرة كريت في منطقة تابعة للمجال الجوي المصري. وسترسل سفناً إلى الموقع للتحقق من الأمر». وقال وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس، إن الطائرة «قامت بانعطافتين مفاجئتين قبل أن تهبط مسافة 22 ألف قدم وتختفي عن شاشات الرادار»، مضيفاً أن «الطائرة قامت بانعطافة 90 درجة إلى اليسار ثم 360 درجة إلى اليمين أثناء هبوطها من ارتفاع 37 ألف قدم إلى 15 ألف قدم، قبل أن تختفي عن شاشات الرادار فيما كانت على ارتفاع عشرة آلاف قدم». وأوضح أن «الصور التي حصلنا عليها تشير إلى أن الطائرة كانت على بعد 10 إلى 15 ميلاً داخل المجال الجوي المصري، وقامت بالانعطافتين. حتى الآن ليست لدينا نتائج واضحة عن أعمال البحث التي تشارك فيها طائرة فالكون 50 فرنسية إلى جانب طائرة أميركية للتعاون البحري لتقديم الدعم للطائرات المصرية، وهي مقاتلتا إف 16 وطائرة سي-130، والطائرتين اليونانيتين، وهما سي-130 وطائرة عسكرية أخرى أرسلت إلى المكان، كما أرسلت السلطات اليونانية فرقاطة أيضاً إلى المنطقة وطلبت من فرنسا والدول الصديقة والحليفة صور الأقمار الاصطناعية التي في حوزتها». وأعلنت هيئة الطيران المدني اليونانية أن قائد الطائرة لم يذكر «أي مشكلة» في حديثه الأخير مع المراقبين الجويين اليونانيين. وقال رئيس الهيئة قسطنطين ليتزيراكوس لتلفزيون «أنتينا» اليوناني: «تحدث المراقبون الجويون مع القائد عندما كانت الطائرة فوق جزيرة كيا على ارتفاع 37 ألف قدم. ولم يذكر أي مشكلة. الطيار كان في مزاج جيد وشكرهم باليونانية». وأضاف أن «الاتصال الأخير تم بعيد منتصف الليل بتوقيت غرينتش، لكن قائد الطائرة توقف عن الرد على اتصالات المراقبين الجويين اليونانيين التي توالت لمدة 24 دقيقة حتى اختفت الطائرة من شاشات الرادار بعد خروجها من المجال الجوي اليوناني». وأشارت الهيئة في بيان إلى أن «مركز المراقبة في أثينا حاول الاتصال بالطائرة قبل الاختفاء بدقيقتين، لكن من دون الحصول على الرد رغم تكرار الاتصال». وقال البيت الأبيض إن مستشارة الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب ليزا موناكو أطلعت الرئيس الأميركي باراك أوباما على اختفاء طائرة «مصر للطيران». وقال نائب الناطق باسم البيت الأبيض إريك شولتز، إن أوباما «وجَّه مسؤولي الإدارة بالتواصل مع نظرائهم الدوليين لتقديم الدعم والمساعدة»، وطلب إطلاعه على مستجدات الموقف. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس جهاز الأمن الاتحادي الروسي (الاستخبارات) ألكسندر بورتنيكوف أمس، أن تحطم طائرة مصر للطيران في طريقها من باريس إلى القاهرة سببه عمل إرهابي «على الأرجح». ودعا الشركاء الأوروبيين إلى «العمل سوياً لتحديد المسؤولين عن إسقاط الطائرة». ولم يذكر الأدلة المتوافرة لديه التي تفيد باحتمال وجود عمل إرهابي. وفي بروكسيل، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بلاده عرضت مساعدة مصر في الوقوف على ملابسات حادث الطائرة، لكنها لم تتلق أي طلبات مساعدة. واعتبر أن «من السابق لأوانه التكهن» بسبب الحادث. أسر الضحايا وخيم الحزن والوجوم على وجوه أقارب ركاب الطائرة المنكوبة وأصدقائهم الذين توافدوا إلى مطار القاهرة أمس. وتجمع ذوو الركاب المصريين في صالة الخدمات الجوية في مطار القاهرة، قبل نقلهم إلى أحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة. وانتقد عدد من أهالي الضحايا شح المعلومات التي تعلنها السلطات. وأعلنت وزارة الصحة تقديم الإسعافات الأولية ل10 من أهالي ضحايا الطائرة، بينهم 9 حالات تم إسعافها في صالة الانتظار في المطار، بينما تم نقل حالة إلى مستشفى مصر للطيران. وأشارت إلى أن الحالات تراوحت بين صدمات عصبية وارتفاع في ضغط الدم. ونشر زملاء طاقم الطائرة صوراً لقائدها محمد سعيد علي ومساعده محمد أحمد ممدوح، إضافة إلى طاقم الضيافة الذي يضم ميرفت زكريا، وعاطف لطفي أمين، وسمر عزالدين صفوت، ويوسف هيثم العزيزي، ويارا هاني توفيق، وطاقم أمن الطائرة الذي ضم محمود عبدالرازق عبدالكريم، وأحمد محمد مجدي، ومحمد عبدالمنعم الغنيمي. وتوافد على غرفة العمليات في مطار القاهرة ممثلون عن السفارات الأجنبية، للاطلاع على تفاصيل الحادث. وأعلن وزير الطيران المدني «استضافة عائلات ركاب الطائرة من الجنسيات كافة في القاهرة، وحجز فندق لإقامتهم إلى حين ظهور الرؤية»، مشيراً إلى أنه «سيتم استقدام العائلات من فرنسا بتذاكر مجانية للاطمئنان إلى سير الأحداث ومتابعة التحقيقات». وأكد السفير السعودي في القاهرة أحمد قطان أن سعودية تعمل في السفارة في القاهرة تدعى سحر خوجة كانت على متن الطائرة، مشيراً إلى أنها «كانت من أكفأ الموظفات في السفارة»، فيما قال ل «الحياة» أحد أقاربها في جدة ويدعى ضياء خوجة، إن قريبته «كانت في رحلة علاج لابنتها في باريس». وأضاف أن «أخوتها ووالدتها يتواصلون مع السلطات المصرية لمعرفة كيفية تسلم الجثمان... الخبر سبب لنا صدمة كبيرة». وقالت مصادر ل «الحياة» إن الراكب السوداني هو عضو وفد بلاده لدى منظمة «يونيسكو» محمد صالح زيادة، وإنه كان عائداً إلى الخرطوم عبر القاهرة لتقبل العزاء في والدته التي توفيت قبل يومين في السودان، وهو شقيق حاكم ولاية القضارف الواقعة في شرق البلاد.