زف لنا أمس الأول مسؤول رفيع في وزارة العمل بشرى اعتماد ثلاثة برامج رئيسة تمكن هذه البرامج من توطين ثلاثة ملايين فرصة وظيفية بحلول 2025. ولم يكشف لنا المسؤول عن خطة الوزارة بإحلال ثلاثة ملايين سعودي في وظائف يشغلها أجانب، هذه الخطة التي تكشف لنا عبقرية مخترعها، وعقليته المتفتقة من خلال هذا الابتكار. وهنا فيما يبدو لنا بأنها لا تعدو كونها آمال وتطلعات مسؤولين تتساوى فيها مع تطلعات المواطنين بإحلال هذا الرقم الكبير، الذي من الممكن أن يرفع مستوى العاملين السعوديين في شركات القطاع الخاص. وأقرت وزارة العمل أخيرا عدة مبادرات حديثة وسابقة وعممتها لتصبح تجربة وطنية صافحنا بها الزمن، إلا إن هذه المبادرات وضعت مخدرا موضعيا على الألم، لكنها لم تعالجه معالجة جذرية، حتى بقيت جرحا يندمل منه اقتصاد الوطن من خلال تحويل مبالغ مالية ضخمة تعادل ميزانيات دول شرق أوسطية مجتمعة ! نحن على قناعة بأنه مع توجه الدولة نحو تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد على مصدر دخل واحد وهو النفط، فإن هذا التوجه لا يمكن تلبية احتياجاته محلياً، ويحتاج دائماً إلى تدفق أعداد متزايدة من العمالة الماهرة والمتخصصة وأعداد أخرى من العمالة غير الماهرة والرخيصة من الخارج، إذ إن المواطن مهما بلغ تعليمه وتدريبه وتراكمت خبراته وتطورت مهاراته لن يتمكن من الانضمام إلى قطاع العمالة غير الماهرة والرخيصة، لكن في ذات الوقت فإن الأرقام والإحصائيات التي تتحدث عن الأيادي الأجنبية في القطاع الخاص مخجلة لدور وزارة العمل وعزفت على الوتر الحساس، وتحدثت بصراحة ووضوح مؤكدة فشل برامج التوطين في القطاع الخاص، وأن كل المحاولات والمساعي والاجتهادات لم يكتب لها النجاح لتعزيز حضور ووجود المواطن في القطاع الخاص، والتي تعكس في الحقيقة مرارة الوضع، واستحالة التقدم أكثر من ذلك. من المحبط أن يخرج لنا كثير من المسؤولين يرفعون سقف طموحاتنا وتطلعاتنا ونلحقهما بآمالنا من خلال التصريحات لوسائل الإعلام في اتجاههم الجاد والحقيقي في إحلال السعوديين وخلق فرصة وظيفية جديدة، لكن هذه التصريحات لا تضيف جديدا عن تصريحات المسؤول الذي سبقه في المنصب. وحتى نكون أكثر صراحة، فإن هنالك عدة عوامل مشاركة في فشل إحلال السعوديين محل الأجانب، وذلك بتفضيل عدد كبير من المواطنين العمل الحكومي على العمل في القطاع الخاص للضمان الوظيفي، إلى جانب تفضيل رجال الأعمال والمستثمرين الأيادي الأجنبية على العامل السعودي، لارتفاع متطلبات الأخير سيما فيما يتعلق بالأجور.