أرسل إلي قارئ يطلب هاتف وعنوان شيخ يعالج بالقرآن كنت قد أجريت معه حواراً قبل سنوات. وهو، أي القارئ، يلح في طلب العنوان لإنقاذ مريضهم الذي يرقد في العناية المركزة منذ فترة في أحد المستشفيات كما يقول! قلت له إن عنوان الشيخ هو كذا كذا، أما هاتفه فلا أعرفه وعندما أجده سأرسله إليك على جوالك. للأسف لم أهتد للهاتف وكلمت قريباً له بأن شخصاً (ما) بحاجة إليه ويريد هاتفه النقال أو الخليوي، فرد علي “هو يستقبل المرضى بعد صلاة العشاء من كل ليلة لكنني لا أظن الشيخ سيسافر ويذهب لطالبه حتى لو أعطوه مليون ريال! قلت في نفسي “أما هذي فما تنبلع، فلو لوح للشيخ بالمليون أو حتى بنصفه أو بربعه بل بعُشر المليون، لسافر الشيخ يسحب على لحيته”! قلت للقارئ ما سبق وقلته عندما أجريت مقابلة صحفية مع هذا الشيخ ونشرنا تفاصيل المقابلة بقصصها المزعومة، لتنهمر يومها آلاف الاتصالات من داخل المملكة وخارجها بحثاً عن عنوان وتلفونات هذا الشيخ الخارق! وحين هاتفته في بيته لأخبره بأصداء اللقاء وأستأذنه في تزويد الباحثين عنه بعناوينه وأرقامه، ردت عليَّ ابنته “أبويه سافر الرياض مع أمي لعلاجها هناك بعد إصابتها بجلطة”! يعيدني هذا الكلام إلى ثقافة السحر والعين والرقية التي طرقتها جميعاً في أكثر من مناسبة، واقعٌ يومّي يعيشه هذا المجتمع، كنت قد اطلعت عليه ورصدته عن كثب، ولا يتعلق الأمر بحالة خاصة أو معينة، بل يشمل سائر الممتلكات وحدوث الأمراض ويتعداه إلى الأنفس من أطفال وشباب وشيوخ والتغيرات السلبية التي تطرأ عليهم وعلى حياتهم، في هذه الأجواء نبتت ثقافة (السحر) لتكون مرجعاً ملائماً وطبيعياً لأي تحوّل سالب يطرأ على فرد من أفراد المجتمع وأحياناً على عائلة كاملة! فما يزال بيننا من يتخذون(السحر) ذريعة لتبرير فشلهم وعجزهم وهزيمتهم أمام تحديات الحياة، ولهذا زاد عدد الذين يعالجون بالقرآن، حيث تحوّل الأمر إلى موضة أو على الأدق (تجارة) بقراءة القرآن وبالمواد المساعدة مثل الماء والزيوت والعسل!