إن المتوفر من النفط في بلادنا يجب ألا يتحول إلى محفز على الهدر في الاستهلاك، كما يجب أن نفعِّل الترشيد في أفضل صوره، ليتم استثمار الفائض لبيعه في الأسواق العالمية، لأن سعره سوف يكون أضعاف سعره المحلي. ولتفعيل هذا الخيار، نحتاج إلى الاستفادة من مصادر الطاقة المستديمة الملائمة للجغرافيا والمناخ في المملكة العربية السعودية، وأعتقد أن الطاقة الشمسية هي بديل رائع لم نستفد منه حتى الآن كما ينبغي، وذلك نتيجة الثقافة المقاومة لانتشار الاستفادة من هذا المصدر، وقد ساهم ارتفاع تكاليف إنشاء محطات الطاقة الشمسية في ترسيخ هذه القناعة. ولكن في السنوات العشر الأخيرة شهدت صناعة هذه المحطات تدهوراً سريعاً في تكلفة إنشائها، وأصبحت في متناول حتى أصغر الشركات والمستثمرين، بل أصبحت أكثر جدوى من الإنتاج التقليدي، حيث أصبحت تكلفة الوات الواحد 15 هللة تقريباً من الطاقة الشمسية مقابل 80 هللة للوات الواحد بالطريقة التقليدية. وبما أننا بلد مشمس، وتتوفر فيه مساحات شاسعة، فأعتقد أننا نستطيع أن نكون بلداً «شمسياً» مثل ما نحن بلد نفطي. إن صياغة رؤية بهذا الخصوص سوف تقودنا في المنظور القريب إلى الريادة في إنتاج الطاقة، وقد تجسدت هذه الرؤية عندما اتخذت المملكة العربية السعودية بقيادة المغفور له بإذن الله، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، قراراً بإنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة في ال 3 من جمادى الأولى من عام 1431ه. هذا القرار يُعنى بإدراج الطاقة الذرية والمتجددة بوصفها جزءاً أساسياً من مزيج طاقة المستقبل في المملكة العربية السعودية، وسيجعل كلا القطاعين الحكومي والخاص يساهم في توليد الطاقة، واستغلال الموارد بشكل مثالي، ما يجعل المملكة قادرة على مواجهة زيادة الطلب على الطاقة مع ضمان استمرار النمو في معدلات التنمية الوطنية. إن تطوير مثل هذه المصادر البديلة للطاقة يضع المملكة العربية السعودية في مصاف الدول الأولى في تطوير وإنتاج الطاقة البديلة، ويخلق فرصاً وظيفية، ويبني جيلاً من العاملين ذوي المهارة المطلوبة في سوق العمل الداخلي والخارجي.