ندَّدت المملكة باستمرار النظام السوري في تأخير السماح بإيصال المساعدات إلى المدنيين خصوصاً في منطقة داريا القريبة من دمشق، مُسجِّلةً قلقها الشديد من خرق قوات بشار الأسد للهدنة بصفة يومية. ودعا المندوب السعودي الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف، السفير فيصل طراد، مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤوليته في تقديم الأسد وأعوانه إلى العدالة الجنائية الدولية لمحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأبدى المندوب السعودي ارتياحه للجهود المبذولة من أجل الحفاظ على الهدنة خصوصاً درجة الالتزام بها من جانب المعارضة المعتدلة. فيما اتهم النظام بتسجيل اختراقات يومية لاتفاق وقف إطلاق النار «خصوصاً الغارات الجوية واستخدام البراميل المتفجرة واستغلال فترة الهدنة لحيازة مواقع إضافية». وأشار طراد، خلال حوارٍ تفاعلي نظَّمه مجلس حقوق الإنسان الأممي أمس في جنيف بحضور اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا، إلى نجاحاتٍ تحققت للتخفيف من معاناة الشعب السوري. لكنه أدان استمرار النظام في «تأخير إجازة تصاريح المساعدات وعدم إجازة المواد الطبية اللازمة للمناطق المحاصَرة، وعلى الأخص منطقة داريا» التي تحاصرها قوات الأسد. وأفاد بإدانة المملكة بأشدِّ العبارات استمرار الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها النظام وأعوانه من تعذيب وإخفاء ممنهج وتدمير وتشريد وقتل وإرهاب طوال 5 سنوات، ما أدى إلى وقوع حوالي 400 ألف قتيل وحوالي مليون جريح وتشريد ونزوح ولجوء ما يزيد على 12 مليون شخص «الأمر الذي عدَّته اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يصل إلى حد اعتباره جرائم حرب». ودعا طراد إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2268 الداعم لوقف إطلاق النار. وربط بين توفير بيئة داعمة للعملية السياسية التي بدأت في جنيف تحت رعاية الأممالمتحدة والتزام الأسد وأعوانه بوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين. واعتبر أن الوصول إلى اتفاق كامل مبني على مبادئ بيان جنيف الأول سيحقق تطلعات السوريين نحو بناء مستقبل جديد لا يكون للأسد دور فيه مع التأكيد على الحفاظ على مؤسسات الدولة. وذكَّر السفير بتأييد المملكة وقف إطلاق النار الذي ترعاه الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا منذ 27 فبراير الفائت. وأبان أن المملكة بذلت جهوداً حثيثة بالتعاون مع مجموعة «أصدقاء سوريا» لتخفيف معاناة المدنيين على الأصعدة الإنسانية كافة «حيث بلغ حجم ما قدَّمته من مساعدات حوالي 800 مليون دولار»، لافتاً إلى إسهام سعودي فعال في فريق العمل الذي جرى إنشاؤه طبقاً لبيان ميونيخ لدعم جهود الأممالمتحدة الساعدية إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق السورية المحاصَرة. وجدَّد طراد التأكيد على الموقف السعودي الثابت المتمثل في الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية، مُشدِّداً على وجوب تحمُّل المجتمع الدولي ومجلس الأمن المسؤولية التاريخية لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمساءلة ومحاسبة الأسد ونظامه وأعوانه عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ودعمهم للإرهاب ونشره في مناطق الجوار؛ وصولاً إلى تقديمهم أمام العدالة الجنائية الدولية. حمَّلت دول الخليج العربي المجتمع الدولي المسؤولية عن مقتل مئات الآلاف، وتهجير الملايين في سوريا نتيجة تأخره في حل النزاع، مبديةً استياءها من عدم سماح نظام بشار الأسد للمحققين الدوليين بأداء مهامهم، وفقاً للولاية المنوطة بهم. وأكدت دول الخليج، في بيان مشترك خلال حوار تفاعلي، نظمه مجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس، تسبُّب تأخر المجتمع الدولي في حل النزاع في وقوع أكثر من 400 ألف قتيل، وتشريد الملايين مع تزايد مستمر في أعداد النازحين في الداخل السوري، واللاجئين في دول الجوار. وشاركت «اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا» في الحوار. وأعربت دول الخليج عن بالغ القلق إزاء ما ورد في تقرير اللجنة عن تفاقم الأزمة، وتدهور أوضاع حقوق الإنسان، والأوضاع الإنسانية في ظل استمرار الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد، وأعوانه، وما تحمله من تداعيات خطيرة في حق المدنيين في انتهاكٍ صارخٍ لمبادئ حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. وربط المندوب السعودي، الذي تلا البيان، السفير فيصل طراد، بين تأخر المجتمع الدولي في حل النزاع، وانتقال آثاره إلى الدول المجاورة، ليوجد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. ولفت إلى ترحيب دول مجلس التعاون بنتائج اجتماعات مجموعة ال 17 التي عُقِدَت في ميونخ في ال 17 من فبراير الماضي، و»ما أدت إليه من انفراج محدود لتقديم المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة». متابعاً: «إلا أنها تعبِّر عن استيائها من استمرار النظام السوري في تأخير منح التصاريح، وعدم إجازة المواد الطبية في هذه المساعدات». وشدد طراد على ترحيب دول الخليج العربي باتفاق الهدنة، واستجابة الهيئة العليا للمفاوضات «ممثلة المعارضة السورية» للجهود الدولية، مشيراً إلى وجوب الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية مع تقديم النظام إلى العدالة الجنائية الدولية لمحاسبته على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. وتطلَّع البيان المشترك إلى إسهام وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في توفير بيئة داعمة للعملية السياسية تحت رعاية الأممالمتحدة «وصولاً إلى اتفاق كامل مبني على مبادئ جنيف 1، بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق لبناء مستقبل جديد لهذا البلد لا يكون لبشار الأسد دور فيه مع التأكيد على المحافظة على مؤسسات الدولة».