أحلام الماضي حقائق الحاضر، فعندما نرى البوابة الوطنية وهي تضم عدداً من الوزارات قد انتظمت في عقدها، ندرك أن هناك جهوداً حثيثة تبذلها بعض قطاعات الدولة في مضمار الخدمات الإلكترونية، التي تخدم قطاعات عريضة من المواطنين كان إلى عهد قريب يحرقها لهيب الشمس وزحمة الشوارع، والوقوف في الطوابير الطويلة لإنجاز مهام يؤدونها اليوم بلمسات الأصابع دون جهد أو عناء، نعم حققت بعض الوزارات إنجازات ملموسة وعلى رأسها وزارة الداخلية بقطاعاتها المختلفة ووزارة العدل ووزارة التجارة ووزارة العمل ومن قبل ذلك قطاع البنوك، الذي سبق الجميع في هذا الميدان، ولا شك أن الركب لبقية الوزارات سائر ولكن بدرجات متفاوتة، وكل هذا يجعل من تقدم المملكة في المستوى العالمي في الحكومة الإلكترونية يمضي للأمام عاماً بعد عام. ولكن في ضمن هذه المنظومة يظل قطاع التعليم على أهميته بعيداً عن تلك الخدمات بالمفهوم الذي تعيشه على سبيل المثال وزارة الداخلية، حيث المنصة الواحدة التي تضم داخلها جميع الخدمات سواء في التعليم العام أو الجامعي، ولتقريب الصورة بشكل أوضح فإن وزارة التعليم بحاجة لمنصة إلكترونية واحدة تفدم من خلالها خدماتها سواء منها التعليمية أو الخدمية، فإنشاء تلك المنصة التي تتكون من بنية تحتية قوبة وأنظمة تقنية يتم إنشاؤها، لتغطي كافة المتطلبات المتصلة بالعملية التعليمية ومن ثم يتم استنساخها بحسب عدد الجامعات وعدد المدارس، بدلاً من الجهد الضائع القائم حالياً والمتمثل في أن كل جامعة على سبيل المثال تقوم هي بنفسها بإنشاء أنظمتها بشكل مستقل ومنفصل، ومن خلال التعاقد مع شركات حاصل نتاجها أنظمة ضعيفة لا تؤدي الغرض ولا تقوم بالمطلوب. إن بناء منصة تقنية موحدة سيوفر كثير من الجهد والوقت والمال، فإذا كان لدى الوزارة أكثر من ثلاثين جامعة ولوائح تلك الجامعات هي لوائح موحدة، فهذا يعني أن إنشاء نظام واحد يتم تعميمه على جميع الجامعات هو الحل الأمثل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن واقع الجامعات اليوم يؤكد أنها لا تزال ورقية لدرجة كبيرة، باستثناء بعض الجوانب التي تمت أتمتتها ولكن بشكل جزئي وليس بمترابط، فضلاً عن وجود عدة أنظمة في الجامعة الواحدة لا يوجد أي ربط بينها، بما يشبه الجزر المنعزلة، ناهيك عن جهل بعض الجامعات بمفهوم الحوكمة الإلكترونية للإجراءات، فضلاً عن عدم الرغبة في تطبيقها من باب من جهل شيئاً عاداه. فهل يقف وزير التعليم وقفة حازمة يتدارك فيها الوضع القائم، سواء على مستوى الوزارة أو مستوى الجامعات أو مستوى مدارس التعليم العام، ويطلق مبادرة جادة تقود التعليم لمصاف الحكومة الإلكترونية، ليرتقي بمستوى الخدمات التعليمية من جهة وليرفع من مستوى الجودة والاعتماد، حيث التعليم الإلكتروني والمحتوى التعليمي والبيئة التعليمية المتكاملة، فضلاً عن رفع الطاقة الاستيعابية من خلال التعليم المستمر والتعليم المرن، إضافة إلى إتاحة الفرصة بشكل أكبر لمشاركة العنصر النسائي في إدارة العملية التعليمية دون الحاجة للاختلاط بالرجال، على اعتبار أن الخدمات الإلكترونية تؤدى من خلال نظام إلكتروني يتيح التعامل معه عن بعد، بل يمكن المرأة أن تعمل من بيتها. نعم في هذا الخيار الحلول لكثير من مشكلات وسلبيات وإشكالات التعليم، فهل من أذن صاغية وقلب يعي وعين تبصر لتنطلق المسيرة دون تأخير، لنكسب الوقت ونمضي للأمام بخطى ثابتة نخدم بها أمتنا وأجيالنا لمستقبل أفضل.