لم تفكر المملكة العربية السعودية وطوال وقوفها مع لبنان إطلاقاً في توظيف دعمها للتأثير على القرار اللبناني أو فرض وصاية عليه، وإنما هو انطلاق من واجباتها الإنسانية والأخوية ودورها الرائد في الوقوف إلى جانب الأشقاء العرب والمسلمين؛ إذ لم تتوانَ في دعم الاستقرار العربي كما هو الحال في اليمن، والتشجيع للوصول إلى اتفاق عادل للقضية السورية لتنقذ الشعب السوري من القتل، والتشريد، والتجويع، وتحفظ له حياة كريمة وآمنة. وكشف لنا الحال اللبناني بعد قرار الرياض ودول الخليج في إعادة تقييم العلاقات مع لبنان، حقيقة الدعم الخليجي والإيراني له، فالشارع اللبناني بكل مكوناته هتف للتنديد بسياسة بلدهم الخارجية التي باتت أداة إيرانية يراد بها ضرب العمق العربي، وتدخلات حزب الله ذراع إيران في كل مؤسسات الدولة، هذا الحراك من الشعب اللبناني المؤيد لمواقف السعودية والخليج هو اعتراف بالدعم السعودي الملموس في كل مفاصل لبنان الهادف إلى نهضتها وبناء استقرارها، يقابله هدم إيرانيللبنان وتحويلها إلى معسكر يصدر الإرهاب إلى كل دول المنطقة. أدرك جميع اللبنانيين اليوم أن الدعم السعودي لم يكن لشراء بعض المسؤولين واستثمارهم وفق مصالحها كما يفعله حزب الله لصالح طهران بعرقلته الاستقرار اللبناني، وإنما تصب مواقف السعودية وجهودها جميعاً في إعمار لبنان وازدهارها، وما إعادة تقييم العلاقات مع بيروت إلا فرصة ثمينة للبنانيين أنفسهم لإعادة النظر في الشأن الداخلي ومعرفة الصديق من العدو.