شدَّد مفتي عام المملكة، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، على أهمية تطبيق الحدود لصيانة وحفظ أفراد المجتمع من الشرور و»ليأمن الناس في بيوتهم وأموالهم وأسواقهم»، واصفاً حفظ الأموال والأعراض والعقول بأحد أسباب الثبات والأمن في المجتمع. وربط المفتي، خلال كلمة ألقاها أمس في افتتاح ندوة «الأمن الشامل.. شراكة وتكامل» في الرياض، بين تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمعات وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. وذكَّر بأن المملكة تمتعت منذ تأسيسها بالأمن والطمأنينة والاستقرار بفضل الله ثم بفضل تطبيق ولاة الأمر أحكام الشريعة. ولاحظ آل الشيخ تمتُّع البلاد بالأمن والاستقرار كونها تطبِّق أحكام الشريعة فيما «البعض من حولنا يعيش في قلق وانقسام». واعتبر الإيمان والعمل الصالح وعبادة الله من أسباب الأمن والاستقرار «أما الضلالة فمن أسباب النزاع والشيطان». وأبان أن «الكل راعٍ ومسؤول عن الأمانة التي أوكلت إليه»، مشدداً «يجب العمل على تأدية الأمانة على أكمل وجه والتعاون على ذلك لأنه من أسباب تحقيق الأمن في المجتمع، كما يجب صيانة العقل وحفظه، ومن يفسُد عقله يجب أن يُردَع عن ظلمه وعدوانه على نفسه». وأشار آل الشيخ، وهو أيضاً رئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، إلى تقديم الأمن على الرزق في الآية القرآنية (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَات)؛ لأنه بوجود الأمن يمكن الحصول على الرزق وتحرُّك الناس في الأرض، و»إذا انعدم (الأمن) تعطَّل الإنتاج والسعي»، مُبيِّناً أن من يتدبر الكتاب والسنة يرى فيهما كثيراً من أسباب الأمن. وكانت جامعة الملك سعود افتتحت في مقرها في الرياض المرحلة الثانية من ندوة «الأمن الشامل.. شراكة وتكامل» بتنظيمٍ من كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحسبة وتطبيقاتها المعاصرة في الجامعة وتعاونٍ من مركز المحتسب للاستشارات، فيما تنتهي أعمالها اليوم الأربعاء. واعتبر مدير الجامعة، الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر، في كلمةٍ ألقاها عنه وكيل الجامعة، الدكتور عبدالله بن سلمان السلمان، أن الندوة تأتي في «وقتٍ نحن في أمسِّ الحاجة فيه إلى أن يستشعر كلٌ منَّا مسؤوليته تجاه أمن وطنه، أفراداً كنَّا أو مؤسساتٍ أمنية أو مدنية». ووصف السلمان مشاركة رجال الأمن والرقابة والاحتساب في الندوة ب «أنموذج من نماذج الشراكة التي تؤدي إلى التكامل والنجاح في العمل وتحقيق المطلوب من التعاون على البر والتقوى». وعدَّ التعاون والشراكة في تحقيق الأمن الشامل مطلباً اجتماعياً لمصلحة الوطن والمواطن وأحد أوجه البر والتقوى «التي يجب الحرص عليها والتعاون في شأنها لاسيما أنه لا تستقر الحياة ولا تستقيم الأمور ولا يهنأ بالناس بعيشهم إذا فُقِد الأمن». ولفت السلمان النظر إلى إمداد جامعة الملك سعود القطاعات الأمنية بالكوادر العلمية والفنية والإدارية، مؤكداً أن «لديها كراسي البحث ومراكز البحوث والمتخصصون في مجالات عدة لتقديم الدراسات والبحوث والاستشارات التي تخدم القطاع الأمني بمفهومه الشامل». في السياق نفسه؛ أشار المشرف على كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحسبة وتطبيقاتها المعاصرة في الجامعة، الدكتور سليمان العيد، إلى الحاجة إلى استشعار المسؤولية الأمنية والسعي إلى الشراكة والتكامل لتحقيق الأمن الشامل وتعزيز الخوف من الله. وأفاد باستهداف الندوة تعزيز مفهوم الأمن الشامل في النفوس وتأكيد أهمية الشراكة والتكامل بين الجهات المعنية بحفظ الأمن من قطاعات أمنية واحتسابية ورقابية ونحوها. ورأى العيد في الأمن ضرورةً «لا يستغني عنها إنسان أيا كان جنسه ودينه»، موضِّحاً «بدون الأمن لا يستلذُّ بطعام ولا يُهنَأ بنوم، وبدون الأمن لا تستقيم الحياة ولا تنمو عجلة التقدم والازدهار»، عادّاً أمن البلاد مسؤولية الجميع سواءً كانوا أفراداً أو إدارات. و»حين يستشعر كل فرد أو جهة تلك المسؤولية الأمنية، ويكون الدافع للقيام بها هو احتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى متعبداً لله بفعله، يكون العمل أنفع والثمرة أكبر»، بحسبه. بدوره؛ تحدث المشرف العام على مركز المحتسب، الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الوطبان، عن المفهوم الشامل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «الذي يعني إزالة المخالفات والمنكرات التي تقع تحت كل ما يخل بالضرورات الخمس». وذكر أن «كل الوزارات والهيئات والأجهزة التي تقوم بأعمال الرقابة والضبط وإزالة المخالفات هي في حقيقة الأمر تقوم بدورها في الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل منسوبيها إذا أخلصوا النية لله جل وعلا وتعبدوا لله عز وجل بأداء أعمالهم المنوطة بهم فإنهم يكونون محتسبين وآمرين بالمعروف ناهين عن المنكر».