لقد أثرت على صفحات هذه الجريدة موضوعا مهما وهو تراجع استعمال اللغة العربية، لكنه لم ينل الاهتمام اللازم من القارئ كما من المسؤول العربي الذي من واجبه حماية هذه اللغة. أقول ذلك وأنا أقرأ موضوعا خطيرا في جريدة “نيوزرينغ” الإلكترونية الفرنسية التي تفتح نقاشات واسعة بين قرائها حول قضايا الساعة، وتخيلوا أن أهم الموضوعات التي تشغل بال الفرنسي اليوم هو تراجع استعمال لغته خلال ممارساته اليومية، والتخوف من سيطرة اللغة الإنجليزية على القطاعات الحساسة في فرنسا، وتجاوز التخوف الحدود الفرنسية، لتصب النقاشات المدعمة بالدلائل والحجج إلى أن العالم كله يذهب نحو اللغة الإنجليزية بما تحمله من أفكار وثقافة وتاريخ، ورؤى دينية وسياسية. الفرنسي الديموقراطي، الذي يرفع أعلام الحرية والتعايش على أعمدة سمائه، يرتعش خوفا من فقدان هويته أمام اكتساح لغة جاره الأوروبي لحدوده، ويظن أنه بعد عدة سنوات قصيرة سيتلاشى، وتتحول بلاده إلى مستعمرة إنجليزية اللغة، أمريكية الهوى، وأنها لن تقوى على الرجوع إلى الخلف، لأن عجلات التاريخ تمشي دوما في إتجاه واحد، حتى وإن دخلت متاهة الأخطاء نفسها وتعثرت في الخروج. المعالجة الفرنسية للموضوع، أبدت كم أن الفرد الغربي أيضا يهمه التفرد بثقافته وتقاليده وموروثاته، وأننا عادة نخطئ حين نعتبر هذا الغرب كتلة واحدة متشابهة، وحدها اليورو والأهداف الاقتصادية الواحدة. أحد الفرنسيين كتب: “كم يلزمنا من الوقت لنموت؟” فهل طرحنا على أنفسنا هذا السؤال؟