احتجزت قوات الأمن في تركيا 4 أشخاصٍ تشتبه في صلتهم بالتفجير الانتحاري الذي أوقع 10 سيَّاح ألمان قتلى أمس الأول في قلب إسطنبول، في وقتٍ تعهدت برلين بعدم تأثُّر تعاونها مع أنقرة بسبب الهجوم. وكشف رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، عن توقيف 4 أشخاص على صلة بالتفجير، مؤكداً بقاء 6 من أصل 15 مصاباً قيد العلاج في وقتٍ تمَّ التحقق مع هوية الفاعل. وأعلن أوغلو، في تصريحاتٍ له أمس، حصوله على معلومات حول الطريق التي دخل منها المنفِّذ وجميع ارتباطاته وعلاقاته الخفيَّة. وتحدَّث، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء «الأناضول»، عن «معلومات وصلتنا حول المنفذ عزَّزت الاعتقاد لدينا أن عناصر ولاعبين مهمين ينشطون خلف الستار في هذه المسألة». في الوقت نفسه؛ أفاد وزير داخليته، أفكان آلا، بأن الانتحاري الذي فجَّر نفسه كان مسجلاً لدى سلطات الهجرة «لكنه لم يكن على قائمة من يُشتبَه في كونهم متشددين». ونفَّذ المفجِّر، وهو عضوٌ في تنظيم «داعش» الإرهابي على الأرجح ويُعتقَد أنه قَدِم من سوريا مؤخراً، عمليةً انتحاريةً صباح أمس الأول في ميدان السلطان أحمد قرب الجامع الأزرق وآيا صوفيا، وهما من المعالم الرئيسية في إسطنبول إحدى أكثر المدن جذباً للسياح في العالم. وأكد وزير الداخلية، تعقيباً عن تقرير أوردته وسائل إعلام، أن بصمات أصابع الرجل مُسجَّلة لدى السلطات. وأبلغ الإعلاميين خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني، توماس دي مايتسيره، بقوله «تقييمكم صحيح بأنه جرى تسجيل بصماته وبأنه يوجد سجل له، لكنه لم يكن على قائمة المطلوبين كما أنه ليس على قائمة الأفراد المستهدفين التي أرسلتها لنا دول أخرى». ونشرت صحيفة «خبر ترك» ما عرَّفتها بصورةٍ للانتحاري التقطتها كاميرات مراقبةٍ في مكتب للهجرة في إسطنبول في ال 5 من يناير الجاري. وأوردت الصحيفة أن إصبعاً بشرياً عُثِرَ عليه في موقع التفجير ساعد في تحديد الهوية. وكان نائب رئيس الوزراء، نعمان كورتولموش، أفصح أمس الأول عن تحديد هوية المفجر بعد العثور على أشلاء في موقع الحادث، مبيِّناً «إنه من مواليد 1988 ويُعتقَد أنه كان يعيش في سوريا ودخل منها في الفترة الأخيرة». وأبلغت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية من جهتها عن ارتفاع عدد مواطنيها الذين قُتِلوا في التفجير إلى عشرة. ووقع تفجيران كبيران في تركيا العام الماضي خلَّفا أكثر من 120 قتيلاً في مدينة سروج القريبة من الحدود مع سوريا وفي وسط أنقرة. واعتبرت حكومة داود أوغلو تنظيم «داعش» ضالعاً في الهجومين اللذين استهدفا خصوصاً ناشطين أكراد ومتضامنين مع القضية الكردية. وباستهداف مجموعات سياحية أثناء تجوُّلها في ميدان؛ بدا أن هجوم الثلاثاء يُمثِّل تغييراً في أساليب التنظيم الإرهابي. ولاحظ المحلل في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، آرون ستاين، أن «هذا الحادث مختلف بعض الشيء»، موضِّحاً «في الهجمات السابقة كان أتراك يعبرون إلى سوريا لقتال الأكراد ثم يعودون لمهاجمة أهداف كردية في بلادهم، لكن الحادث الأخير مختلف من حيث النوايا والأهداف». وزار أجانب وأتراك ميدان السلطان أحمد أمس، ووضع بعضهم زهوراً تضامناً مع الضحايا قبل أن تغلق الشرطة المنطقة. وخلال المؤتمر الصحفي مع نظيره التركي؛ رأى وزير الداخلية الألماني أنه لا توجد مؤشرات على تعمُّد استهداف مواطنيه، معتبراً أنه «لا سبب لأن يُغيِّر الناس خطط سفرهم إلى هنا». وشدد دي مايستيره على وقوف بلاده بقوة إلى جوار أنقرة في قتالها ضد الإرهاب «فإذا كان هدف الإرهابيين إثارة الاضطراب أو الدمار أو التأثير على التعاون بين الشركاء؛ فإن ما تحقق عكس ذلك، فقد أصبحت العلاقة أوثق بين البلدين». وأوضح «بناءً على معلوماتنا حتى الآن من التحقيق، لا توجد مؤشرات على أن الهجوم كان يستهدف الألمان، لذا لا يمكن ربط ذلك بمساهمتنا في القتال ضد الإرهاب الدولي». ونقلت صحيفة «حريت» التركية عن المرشدة السياحية لمجموعة السياح الألمان أنها صرخت فيهم ليركضوا بعدما شاهدت الانتحاري الذي كان يقف وسط السياح ويسحب دبوساً في سترته الناسفة. واعتبرت المرشدة أن صراخها ساعد البعض على الفرار. ولم يكن الميدان مزدحماً حين وقع الانفجار، بحسب شهود، لكنهم عاينوا فيه العديد من القوافل السياحية. وأبدى جوستين نيلسن، وهو سائح نرويجي تعرَّض لإصابة، أسفه لعدم قدرته على إكمال رحلته، قائلاً «لم أكمل رحلتي التي دفعت ثمنها، كان يُفترَض أن أقوم بأشياء أخرى في الرحلة». وشرَح، وهو يقف في مطار إسطنبول على عكاز بسبب إصابة في ساقه اليسرى، أنه كان يخطِّط لزيارة الجامع الأزرق والبازار القديم، مُكمِلاً «لا نحمل أي مشاعر سيئة لتركيا، نعرف أن هناك بعض المجانين». ووفق وزير الداخلية التركي؛ أصيب 9 ألمان آخرين اثنان منهم في حالةٍ خطيرةٍ في المستشفى، إضافةً إلى المصاب النرويجي وآخر من بيرو. وتعهد الوزير آلا بالعمل بشكل وثيق مع برلين في إطار التحقيق. ودافع عن سجل بلاده في التصدي ل «داعش»، وكشف عن اعتقال 200 مشتبهين قبل أسبوع واحد.