إقامة العدل ونشر الأمن من واجبات الدولة لحماية حقوق مواطنيها والحفاظ على أعراضهم ودمائهم وأموالهم، وكلما اهتز الأمن وضعف أصبح الناس بلا حقوق وأعراضهم وأموالهم في خطر دائم، والله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم «ولكم في القصاص حياة يأولي الألباب»، فإقامة الشرع في كائن من كان وأخذ الحق للمتضرر هو نوع من نشر العدل الذي يجعل الناس في مأمن واطمئنان. تعرضت المملكة قبل أكثر من ثلاثة عقود مضت لهجمات إرهابية كانت جديدة على وطننا، وكانت للأسف من أبناء الوطن الذين تم التغرير بهم من قبل أناس منظرين ومؤثرين كفروا من كفروا من رموز الدولة الدينية والسلطة السياسية وصدق أولئك هذه الافتراءات وكانوا هم الضحية، الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله بدأ بمحاربة الإرهاب عندما كان ولياً للعهد آنذاك وجند له كافة الإمكانات المادية والبشرية وأصبح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف هو المسؤول الأول عن مكافحة الإرهاب لكبح جماح الإرهابيين وتجفيف منابعهم التي تمولهم وتمدهم بالمال والأفكار، حيث أن هزيمة هذه الفئة في منطلقاتها الأيديولوجية حجًم تفاعلهم وظهورهم، ونجحت المملكة بامتياز في هذه المهمة العسيرة والمؤلمة لأنها تكافح إرهاباً داخلياً جُل قادته من أبنائها، وهذا الأمر كان متأثراً منه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمه الله حيث ذكر ذلك في عدة لقاءات له بأن ما يحزنه أن مرتكبي التفجيرات من أبناء الوطن، وهناك من قُتل من الإرهابين عند المداهمات وهناك من تم القبض عليه وأودع بالسجن لينظر في أمره حسب ما قام به من عمل. واستخدمت الدولة المناصحة مع كثير منهم فرجع من رجع عما كان يدور في ذهنه وخرج، وهناك من تعنت لرأيه وبقي في السجن، وبدأت الدولة في محاكمة المتهمين وخاصة المؤثرين منهم حيث كانت أغلب تلك المحاكمات علنية وبحضور من يريد الحضور من محامين وغيرهم، وقد صدر في أكثر من 47 إرهابياً جميعهم متورطون إما بالقتل أو التحريض وإصرارهم على هذا التعنت حتى حكم عليهم بالإعدام وتم تنفيذه قبل أمس السبت موزعين على مناطق المملكة. ولعله من الطبيعي أن يُحدث هذا الحكم ردة فعل كبيرة لدى من يتعاطف مع أولئك الإرهابيين ويحاول إثارة الفتنة عبر الوسائل المتاحة له، حيث كان هناك ردود فعل عدائية من الخارج متناسين أن ذلك تدخل سافر وغير مقبول في دولة ذات سيادة، كما أنها الوحيدة التي تطبق شرع الله وسنة نبيه، فبعض الدول تحاول إثارة الفتنة عبر استخدام الخطاب الطائفي بين أبناء هذا الوطن المتوحدين رغم تنوع مذاهبهم وأطيافهم، متناسين أن الدولة خط أحمر لا يمكن لأحد أن يتجاوزه مهما كان، فمحاولاتها سوف تفشل ولن تجد نصيراً لها داخلياً بتماسك أبناء هذا الوطن وعدم القبول بتدخل أي جهة في سيادة الدولة وقضائها. لعل هذه الأحكام التي نُفذت تكون رادعة لمن يريد المحاولة للإساءة لأي مواطن أو الاعتداء عليه، فسيف العدل موجود ولن يفلت منه أي أحد كائنا من كان، وتنفيذ هذه الأحكام في هذه الفئة هو رد الحق لأناس استشهد آباؤهم وإخوانهم وأمهات فقدت فلذات أكبادها وأطفال تيتموا وهم صغار فالتنفيذ فيهم كان حقاً يطالب به جميع الذين فقدوا أحبابهم، أضف إلى ذلك ترويع الآمنين بالتفجيرات التي حدثت وإثارة الفتن في الأحياء والأسواق تحتاج إلى حكم صارم يحد من هؤلاء ويجعل الناس ينعمون بحياة مستقرة وآمنة بعيدة عن المخاطر والإرهاب، كما أن الشريعة قد أقرت الردع لما فيه من العبرة لمن ينازعه الشيطان أو أهل الشرف فيكون الردع قد حال بينه وبين الوقوع في الخطأ وبذلك تحقق مقصود الشريعة. التنفيذ الذي تم قد يقود أناساً مرجفين بإثارة الفتنة من خلال إرسال مقاطع وصور قديمة لتخريبات أو لاعتداءات سابقة يدعون فيها بأنها حدثت للتو وهنا يجب أن نأخذ الحيطة والحذر مما ينشر ولا نستعجل في تمريره وإرساله لأن ذلك قد يكون كذباً وليس صحيحاً وهذا الأمر متوقع من بعض الدخلاء وخاصة ممن يستخدمون وسائط التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة ليس لهم هدف سوى تقويض السلم الاجتماعي الذي ينعم به المجتمع السعودي بتنوع أطيافه ومذاهبه. الوطن أمانة علينا جميعاً وليست الدولة هي الوحيدة المعنية بحمايته بل يجب تكاتف المجتمع فرداً فرداً ومساعدة الدولة في القضاء على الإرهاب تماماً وتفويت الفرصة للأعداء المتربصين بنا سواء من الداخل أو الخارج بعدم تمرير أفكارهم الهدامة بيننا وتنظيف المجتمع منهم.