فيما لا تزال بلاده تعاني من تداعيات صدمة اعتداءات باريس؛ يُركِّز الرئيس الفرنسي في السنة الأخيرة من رئاسته على موضوعي الأمن والوحدة الوطنية حفاظاً على حظوظه في انتخابات 2017. وتنقل مصادر في محيط فرانسوا هولاند عنه تصميمه على «بذل كل ما يمكنه فعله من أجل حماية المواطنين». ويدافع الرئيس عن مشروعه من أجل تعديلٍ دستوري يجعل فرض حال الطوارئ لمواجهة التهديد الإرهابي جزءًا من الدستور، بينما يتَّسِع الجدل حول تجريد المحكومين بأعمال إرهابٍ من جنسيتهم إذا كانوا وُلِدوا فرنسيين. وسيُحالُ هذا الاقتراح، الذي تقدَّمت به الرئاسة غداة اعتداءات 13 نوفمبر التي أوقعت 130 قتيلاً في باريس، إلى البرلمان في فبراير 2016. ويعتقد المحلل السياسي الفرنسي، جيروم فوركيه، أن الرئيس «مصممٌ على الذهاب حتى النهاية لأن الرأي العام يدعمه»، معتبراً أن «أي تراجع من جانبه سينعكس كارثياً على صورته». ويدعم حوالي 9 فرنسيين من 10، بحسب تحقيقين أُجرِيَا هذا الأسبوع، تجريد الأشخاص المدانين بأعمال إرهابية من الجنسية، وهو ما يطالب به اليمين المتطرف والقسم الأكبر من المعارضة اليمينية. كما يدعم مؤيدو الحزب الاشتراكي الحاكم هذا الاقتراح بشكلٍ واسع، لكن الحزب نفسه منقسمٌ حول الموضوع. ورأى رئيس الوزراء، إيمانويل فالس، الأحد أن «قسماً من اليسار في حالة تضعضعٍ باسم الدفاع عن القيم الكبرى مع نسيان الظروف القائمة، حالة الحرب التي نحن فيها»، رافضاً القول إن المشروع المثير للجدل يشكِّل إعادة نظرٍ في حق الحصول على الجنسية بالولادة. ويرى منتقدو هولاند في توجهاته الأمنية الجديدة في 2015 شيئاً من الحسابات السياسية، ويتهمونه بنصب فخٍ لليمين ليضطر الأخير إلى دعمه. في الوقت نفسه؛ يرى البعض في دعواته إلى الوحدة الوطنية استراتيجيةً تستهدف تقديم نفسه حصناً منيعاً في مواجهة مرشحة اليمين المتطرف إلى الرئاسة، مارين لوبن. وتشير كل استطلاعات الرأي خلال السنة الأخيرة إلى احتمال تأهل زعيمة الجبهة الوطنية إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2017. لكن جيروم فوركيه لا يتبنى فكرة وجود «مناورة حذقة» من جانب الرئيس تكمن في «سرقة الأفكار الأيديولوجية» لليمين بالنسبة إلى اقتراح نزع الجنسية. ويقول فوركيه «إذا كان هولاند هو من أطلق هذا الاقتراح، فالنية كانت أساساً إبلاغ المجتمع بأن الرئاسة واعية لخطورة التهديد ومصممة على الرد بأكبر حزم ممكن، فلِكُلِّ وضعٍ استثنائي علاجٌ استثنائي». وارتفعت شعبية الرئيس بعد المواقف والخطوات التي اتخذها إثر اعتداءات باريس، تماماً كما حصل بعد اعتداءات يناير الماضي التي أوقعت 17 قتيلاً وأبرزها ضد مقر صحيفة «شارلي إيبدو». ويصف فوركيه مواقف هولاند هذه ب «الأداة الأساسية التي يملكها لتحسين موقعه وصورته استعداداً للانتخابات وإخفاء حصيلة أخرى لم تكن براقة». ولم يتمكن هولاند بعد 4 سنوات على انتخابه من الحد من نسبة البطالة التي لا تزال عند مستوى 10%، علماً أنها تشكل أولوية بالنسبة إلى مواطنيه. وتعتبر هذه المشكلة العقبة الأولى أمام ترشحه إلى ولاية ثانية.