رغم تحريرها من براثن قوات المخلوع صالح وميليشيات الحوثي، في يوليو من العام الجاري مازالت عدنالمدينة، التي اتخذت منها الرئاسة اليمنية وحكومتها الشرعية عاصمة مؤقتة لليمن تشهد انفلاتاً أمنياً ملحوظاً انسلت عبره عدد من عصابات وجماعات التخريب والإرهاب وتمكنت من تنفيذ العشرات من العمليات الجنائية والتخريبية من قبيل الاغتيالات والاختطاف والتفجير والبسط على ممتلكات الغير رغم الجهود المبذولة من دول التحالف العربي والمقاومة الشعبية في سبيل حفظ الأمن، عبر تدريب وتأهيل شباب المقاومة في القطاع الأمني ودعمهم بمتطلبات العمل الأمني ورفع جاهزيته إلى مستوى يوازي حجم المرحلة وخطورتها. وهناك مَنْ يرى أن تلك الجهود تأخر جني ثمارها بسبب بطء إجراءات دمج المقاومة الجنوبية في قوات الجيش والأمن الحكوميين ما أنتج هذا الفراغ الأمني، «الشرق» تحدثت لعدد من الناشطين حول هذه المسألة وقضايا أخرى. يقول الإعلامي والناشط أحمد أبو صالح، إن ضباط الأمن والجيش والاستخبارات في عدن ولحج بالإضافة إلى قيادات المقاومة والنشطاء في الحراك الجنوبي هم مَنْ كانوا في مقدمة الأهداف لعصابات القتل والإجرام وتعدت حصيلة عدد الضحايا العشرات واختلفت طرق وأساليب تنفيذ تلك الجرائم، فتارة يتم القتل بواسطة إطلاق نار مباشر، وتارة عبر زرع عبوات ناسفة في سيارات الضحايا، فيما اختلفت طريقة وأسلوب ووسيلة تنفيذ عملية اغتيال محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد في شهر ديسمبر الجاري عندما استخدم تنظيم «داعش» الإرهابي سيارة مفخخة يقودها انتحاري كانت كافية لقتل المحافظ وستة من مرافقيه. وحول الوضع الأمني، يقول أبو صالح إن الوضع الأمني في عدن يتطلب معالجة بيد من حديد تتعامل مع ما يحدث من إخلالات بالأمن والسكينة العامة. منوهاً بأن تعيين عيدروس الزبيدي كمحافظ وشلال شائع مديراً لشرطة عدن يبشر بخير فهما عسكريان ومقاومان لا خلاف عليهما، ويمتلكان قوة شخصية تمكنهما من التعامل مع الأمر بجدية وطرق عملية حقيقية إذا حصلا على دعم وتعاون المجتمع كافة معهما. في شأن الوضع الأمني، تحدث العقيد متقاعد فضل سالم وقال: أعتقد أن الانفلات الأمني الملحوظ اليوم في عدن ومحافظات الجنوب الأخرى المحررة هو نتاج طبيعي للحرب ويحدث في أي دولة أو محافظة أو حتى مدينة شهدت حرباً ضروساً ولأكثر من ستة أشهر متواصلة، فعدن أثناء وبعد الحرب خلت من أي وجود لقوات الأمن فالقوات التي كانت موجودة فيها قبل الحرب وتتعدى أكثر من عشرين ألفاً، كان منوطاً بها حماية عدن وضبط وحفظ الأمن فيها لكنها تحولت إلى طرف في تلك الحرب ضد عدن وكانت تقاتل إلى جانب قوات الحوثي وتتلقى التعليمات والأوامر من علي صالح مباشرة، فبمجرد خروج قوات صالح والحوثي مدحورة على أيدي قوات التحالف ورجال المقاومة الشعبية، وجدت عدن نفسها بدون جهاز أمني، فالضباط والأفراد خرجوا كعدو مهزوم، بعدما نهبوا المعسكرات والأسلحة والآليات، وهذا ما أنتج فراغاً أمنياً حاولت المقاومة سده ولكن بحكم خبرة شبابها المتواضعة وانعدام الإمكانات لم تستطع تنفيذ مهام الأمن المطلوبة، أضف إلى ذلك عدم استيعاب شباب المقاومة في الأمن بموجب قرار الدمج الصادر من رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، وكان تأخر صرف المستحقات المالية لأفراد المقاومة وغيره من الأسباب، التي ولدت الانفلات الأمني الذي مكّن بعض الجماعات الإرهابية المسلحة من تنفيذ عشرات من عمليات الاغتيال، التي طالت ضباطاً وجنوداً عسكريين وأمنيين وقادة ونشطاء في المقاومة والحراك الجنوبي وحتى المواطنين وقوات التحالف العربي كذلك. وتمنى العقيد سالم، على الرئيس ونائبه وحكومته سرعة دمج المقاومة الجنوبية في صفوف الأمن والجيش بشكل فعلي من أجل القضاء على الانفلات الأمني في عدن، واستيعاب الضباط المؤهلين منهم وذوي الخبرات وتعيينهم في المرافق الأمنية واستمرار عملية تدريب شباب المقاومة بعد دمجهم . وقال سكرتير تحرير صحيفة «صدى الساحة» رشاد المحوري: إن هاجس الانفلات الأمني استحوذ على اهتمام المواطن في عدن لما يعكسه من سلبيات على جوانب الحياة الأخرى على الرغم من أن مواطني عدن يعانون كثيراً من تدني حاد في عدد من الخدمات الحيوية المرتبطة بحياتهم المعيشية اليومية إلا أن جانب الأمن طغى على كل الجوانب الأخرى. وأضاف: نتمنى من المحافظ الجديد «عيدروس الزبيدي» ومدير شرطة عدن الجديد العميد شلال علي شائع استكمال ما بدأه المحافظ السابق الشهيد جعفر، من جانب تحسين خدمات الكهرباء والمياه وتوفير المحروقات والغاز المنزلي، تلك الخدمات التي شهدت تحسناً ملحوظاً خلال الأيام الأخيرة من عمر الشهيد جعفر محمد سعد. وأضاف المحوري أن الجميع في عدن متفائلون كثيراً بوجود الزبيدي وشائع، خصوصاً أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تقدمان لهما دعماً كبيراً للحكومة وعدن بشكل عام.