عندما تلقيت اتصالا من مدير المدرسة بضرورة حضوري لاستلام ابني المصاب برضة قوية في ركبته توقعت أن أجده مستلقيا في غرفة الإسعاف وعلى ركبته المصابة رباطا ضاغطا، لكننني وجدته جالسا في غرفة المدير على أحد المقاعد منتظرا حضوري، وعندما سألته عن سبب إصابته في ركبته أشار ابني النحيل قصير القامة إلى شاب هائل الجثة يجلس في المقعد المجاور له، فقلت له: لم فعلت هذا ؟ قال: لا أدري، أعتقد أنه انفعال! استدرت إلى المدير وسألته: لماذا تسمح لهذا العنيف باللعب مع الآخرين وكيف ستتركه ينجو بها. قال ببساطة وبكل هدوء: (هاتله) الشرطة! وقفت مذهولا لبعض الوقت أفكر في حق ابني المهدر دون استدعاء الشرطة وفي حق المدرسة والأبناء الطلبة عند استدعائها إلى مقر يفترض أن تحيطه السكينة وتعم في أرجائه الطمأنينة. قلت له: ألا يوجد من حل آخر لمنع الغلظة والدفاشات في المدرسة غير إقحام الشرطة في الأمر؟ قال «هازا» رأسه: هذه ليست المرة الأولى من الطالب! إجابة «مسكتة» من مدير مسؤول. هذا المسؤول «المسكت» مسؤول عن تخصيص ملعب وإداريين مختصين حريصين على سلامة الطلبة من اللعب العنيف، فكيف بتكرارها من شخص واحد! خرجت بابني إلى مستشفى الأنصار واكتشفت في الطريق إليها أن المدير قد طلب من ابني المصاب المشي على قدميه إلى الوحدة الصحية التي حولته بدورها إلى مستشفى الأنصار! لم أتوقع أن يفهم المدير في إصابات الملاعب، ولكن بديهيا فأي شخص يمتلك إلماما بسيطا بخطورة تفاقم إصابة ركبة متورمة لن يسمح لمصاب بالمشي مترين فكيف من مبنى إلى آخر! دخلت بابني المصاب من باب الطوارئ في مستشفى الأنصار فقام الطبيب بتحويله إلى قسم الأشعة حيث وقفنا في صف طويل جدا ما لايقل عن ساعتين، علما بأن موسم زوار العمرة على بدايته، ومن ثم تم تشخيص الحالة على أنها رضة شديدة تستوجب إجازة ثلاثة أيام! تذكرت وأنا في طريقي للبيت أن المدير قال لي: «وديه المستشفى ورجعه يختبر اليوم؟؟» حسنا، سأفترض وجود مديرين «ميح» في إصابات الملاعب وفي حالات الإسعافات الأولية، ولكن هل يعفي هذا الأمر وزارة التعليم من مسؤولية تهيئة غرفة إسعاف مع طبيب عام أو ممرض أو حتى رجل إسعافات أولية في كل مدرسة! أعتقد كأب أنه طالما قررت الوزارة إدخال التربية البدنية والأنشطة الرياضية في مناهجها فإن وجود غرفة إسعافات في كل مدرسة ليست ترفا وزيادة موظفين بل ضرورة ملحة! * بالمناسبة لقد تقمصت شخصية الأب فشكرا لكم.