أعلنت موسكو استعدادها لاتخاذ تدابير اقتصادية ضد أنقرة بعد يومين من إسقاط تركيا مقاتلةً روسية، في وقتٍ جدَّد الرئيس التركي رفض أي اتهاماتٍ موجَّهةٍ إلى بلاده بالتساهل مع تنظيم «داعش» الإرهابي. ومنذ إسقاط المقاتلة الثلاثاء الماضي؛ استبعد زعيما البلدين، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، أي تصعيد عسكري متبادل. لكن السلطات الروسية المستاءة من مقتل اثنين من جنودها، وهما أحد الطيّارَين وفردٌ من القوات الخاصة حاول المشاركة في عملية إنقاذ، قرَّرت الرد تجاريّاً رغم العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين البلدين في السنوات الأخيرة. وأعلن وزير الزراعة الروسي، ألكسندر تشاكيف، تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية والغذائية التركية، مُتحدِّثاً عن «انتهاكات متكررة للمعايير الصحية». وتجاوزت واردات أنقرة إلى موسكو 3 مليارات دولار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، ضمنها 280 مليون دولار للطماطم. وبمعزل عن المواد الغذائية؛ تشير الصحافة الروسية إلى معاينة الجمارك بدقَّة جميع البضائع التي تصل من تركيا، ما يسبِّب تأخيراً وعراقيل. على أصعدة أخرى؛ طلبت موسكو من مواطنيها الموجودين في الأراضي التركية العودة إلى بلادهم متحدِّثةً عن مخاطر إرهابية. وجرَّاء تشديد سفر السياح الروس؛ قد يُحرَم الاقتصاد التركي من أكثر من 3 ملايين زائر سنويّاً. وفي إجراءٍ مشابه؛ طلب وزير الرياضة الروسي، فيتالي موتكو، من الأندية المحلية عدم السفر إلى تركيا خارج إطار الأحداث الرسمية. وذكرت وسائل الإعلام في أنقرة أن 50 مواطناً أعيدوا من مطار موسكو منذ الثلاثاء رغم الإعفاء من تأشيرة الدخول بين البلدين. ووفقاً لصحيفة «يني شفق» التركية؛ يأمل الرئيس رجب طيب أردوغان لقاء نظيره فلاديمير بوتين على هامش قمة المناخ المرتقبة في 30 نوفمبر الجاري في باريس. لكن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أكد أنه لم يتمَّ بحثُ هذه المسألة. وتحادث الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، هاتفيّاً مع أردوغان الذي دعا إلى «تجنب التصعيد». في المقابل؛ أعرب بوتين أمس عن أسفه لعدم تلقي أي اعتذار من أنقرة. وقال «لم تردنا حتى الآن أي اعتذارات واضحة من قادة تركيا ولا عروض للتعويض عن الأذى والضرر، ولا وعود بمعاقبة المجرمين المسؤولين عن جرائمهم». وعبَّر عن انطباعه بأن «القادة الأتراك يقودون عن وعي العلاقات الروسية التركية إلى طريق مسدود». وطلب رئيس وزرائه، ديمتري مدفيديف، من حكومته إعداد سلسلة إجراءات اقتصادية في غضون أسبوعين رداً على «العمل العدائي» لأنقرة. وألمح دون الخوض في التفاصيل إلى إمكان تعليق مشاريع مشتركة، وزيادة التعريفات الجمركية، وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. وقد يتأثر أيضاً تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا. وردَّ أردوغان، في كلمةٍ له أمس، على الاتهامات الروسية بتواطؤ بلاده مع المتطرفين، مؤكداً أن التزامها ضد تنظيم «داعش» الإرهابي «لا شك فيه». وتحدَّى موسكو أن تثبِتَ شراء الحكومة التركية النفط من التنظيم، قائلاً إن «الذين يتهموننا بشراء النفط من داعش يجب أن يثبتوا اتهاماتهم». ورأى أن «موقف بلادنا ضد داعش كان واضحاً منذ البداية.. لا علامة استفهام هنا، ليس لأحد الحق في التشكيك في معركة بلادنا ضد داعش أو أن يتهمنا بجرم». وكان الجيش في بلاده نشر الأربعاء ما قال إنها تسجيلات لتحذيرات وُجِّهَت إلى قائد الطائرة الروسية قبل إسقاطها قرب سوريا. وجاء في أحد هذه التسجيلات باللغة الإنجليزية تسجيل تكرار للعبارات التالية «هنا سلاح الجو التركي.. أنتم تقتربون من المجال الجوي التركي.. اتجهوا جنوباً فوراً». لكن قنوات التليفزيون الروسي نقلت عمن قالت إنه الطيار الذي نجا من حادث الثلاثاء تأكيده عدم تلقي «أي تحذير» أو «أي اتصال».