وصف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، الإرهابَ ب «جريمةٍ تهدِّد مخاطُرها المجتمعَ الإنساني بأكملِه»، ودعا إلى تعاون الجميع في مواجهتها وتضافُر كافة الجهود في مكافحتها، لافتاً إلى أهمية التصدِّي الحازم للقائمين بها والداعمين والمموِّلين. وشدَّد ولي العهد، في كلمةٍ له أمس خلال الاجتماع ال 34 لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في الدوحة، على وجوب عدم استغلال هويَّة القائمين على الإرهاب في الإساءة إلى معتقدٍ أو عرقٍ أو أمةٍ بعينها. وبيَّن أن لهذا الاجتماع أهميته «كونه ينعقد في ظل ظروفٍ ومستجداتٍ أمنيةٍ دوليةٍ تستوجب تعاوناً دولياً أكثر جدية وفاعلية في مواجهة الإرهاب، ومعالجة أسبابه والتصدي الحازم للقائمين به والداعمين له والممولين لنشاطاته». وأشار إلى إدانة الدول والشعوب الخليجية الأحداث الإرهابية التي وقعت في تونس وفرنسا ومالي مؤخَّراً، وتضامنها الكامل مع كل دولةٍ تواجه خطر الإرهاب، موضِّحاً «سوف نواصل بإذن الله تعالى جهود التنسيق والتعاون المشترك بين أجهزة الأمن في دولِنا التي تواجه حملات إرهابية شرسة، لا تقف عند حدّ، مُستهدِفةً أمن مواطنينا واستقرار دولِنا ومقدَّرات أوطاننا». وخلال كلمته؛ نقل الأمير محمد بن نايف، تحيات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون، وتطلعاته إلى تحقيق اجتماعهم ال 34 السداد والتوفيق والمزيد من الأمن والاستقرار للدول الخليجية والعربية والإسلامية وعموم المجتمع الإنساني. ورفع الأمير محمد الشُكرَ والتقديرَ إلى أمير دولة قطر الشقيقة، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على استضافة الاجتماع وحسن الاستقبال وكرم الضيافة، معبِّراً عن شكره لرئيس مجلس الوزراء القطري، الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، على حسن الإعداد والتحضير للاجتماع وتوفير أسباب نجاحه بحول الله وقدرته. وتمنَّى ولي العهد التوفيق والنجاح لهذا الاجتماع، داعياً الله عز وجل أن يوفِّق الجميع لما فيه خدمة ديننا وقاداتنا وسعادة واستقرار شعوبنا، فمنه وحده نستمد العون والتوفيق. في الوقت نفسه؛ أعلن رئيس الاجتماع، الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، التأييد الكامل لكافة التدابير والإجراءات التي تتخذها دول مجلس التعاون لمواجهة كافة الأعمال الإرهابية والإجرامية «ما يبيِّن موقف دول المجلس الثابت برفض ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكالها وصورها أياً كان مصدرها». واعتبر أن العمليات الإرهابية التي تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي والقيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، استهدفت بعض دول المجلس خلال الفترة الماضية، بقصد بث الفتنة والفرقة بين المواطنين وزعزعة الأمن والاستقرار. وشدَّد على دعم دول الخليج العربي كل جهدٍ إقليمي أو دولي لمكافحة الإرهاب، التي لن تتحقق إلا بالقضاء على أسبابه الحقيقية، سواءً كانت سياسية أو اجتماعية أو دينية أو طائفية أو غيرها من الأسباب الأخرى، معرِباً عن يقينه بإدراك وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون أن مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة تُحتِّم عليهم جميعاً تعزيز العمل الأمني المشترك، لدفع ما تحقَّق من إنجازات على الصعيد الأمني لدولهم «عبر وضع الخطط والبرامج التنفيذية اللازمة، واستحداث آلياتٍ أكثر فاعلية بما يتواكب والتغييرات في منهجية العمليات الإرهابية». ووصف الشيخ عبدالله آل ثاني، وهو أيضاً وزير الداخلية في قطر، مواجهة التطرف والإرهاب ب «مسؤولية جماعية مشتركة بين كافة مكوِّنات الدولة الحكومية وغير الحكومية، مما يتعين معه أن تتمَّ مواجهة هذه الظاهرة المقيتة فكراً وعقيدةً بكل ما تحمِله هذه الكلمات من معانٍ وجوانب.. من خلال مواجهة التطرف الفكري وتجفيف منابعه، لنتمكن من تحصين شعوبنا خاصةً الشباب من الأفكار الضالة والخاطئة، التي تبثُّها الجماعات الإرهابية باسم الإسلام التي لا علاقة لها بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف». ودعا في السياق نفسه المجتمعَ الدولي إلى تعزيز التعاون الدولي الحقيقي، من خلال التنسيق بين الأجهزة الأمنية المعنيَّة بمكافحة الإرهاب في كافة الدول، والعمل الجاد على تنفيذ آليات التعاون الدولي والقرارات الدولية والإقليمية في هذا الشأن، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم (2199/ 2015). ورأى آل ثاني، في كلمته، أن «هذا الاجتماع يُعقَد في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تطورات متلاحقة وتحديات أمنية جسيمة؛ يأتي في مقدمتها تنامي العمليات الإرهابية وتصاعد نشاطها وضراوة عملياتها، التي أصبحت مبعث قلقٍ لكافة شعوب العالم، وتشكِّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار الشعوب، مما يفرض على الجميع مسؤولية كبيرة في صون مقدَّرات شعوب المجلس وحماية حاضرهم ومستقبلهم، وفي مقدمة ذلك توفير الأمن للمواطنين والحفاظ على استقرار الأوطان». وخلال الاجتماع؛ أبدى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، ارتياحه لإثبات الأجهزة الأمنية الخليجية كفاءتها ويقظتها وتمكُّنها من كشف عصابات الإجرام والجماعات الإرهابية المتطرفة، التي سعت ولا تزال تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في دول المجلس وترويع الآمنين من أبنائها والمقيمين فيها. وأكد أن اهتمام وزراء الداخلية الخليجيين وما يبذلونه من جهود ومتابعة متواصلة للعمل الأمني، كان له بالغ الأثر في تطوير قدرات الأجهزة، مشيراً إلى إيلاء قادة دول المجلس الأمن والاستقرار بالغ العناية والاهتمام، «إدراكاً منهم أن الأمن والأمان هو المدخل الرئيس لحماية المكتسبات والإنجازات التنموية.. وتوفير البيئة المستقرة المستدامة لنهضة تنموية شاملة، تفتح أمام المواطن الخليجي فرص العطاء والتميز والابتكار والإبداع». وتحدَّث الأمين العام عن تحديات أمنية واجتماعية فرضتها تطورات الأحداث الأمنية المتسارعة في المنطقة، وأبرزها تنامي الحركات الإرهابية المتطرفة، وانتشار الفكر الطائفي البغيض، واستغلال بعض لوسائل الإعلام الحديث، لبث الشائعات المغرضة والأفكار الهدَّامة التي تتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي والقيم الإنسانية «بهدف التغرير بشبابنا وزرع بذور الفتنة للنيل من الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية في دول المجلس». وأشاد الزياني بجهود الأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت ومملكة البحرين؛ التي أدت إلى كشف خلايا إرهابية عمِلَت على تهريب وتخزين كميات كبيرة من المتفجرات والأسلحة والقنابل، بقصد زعزعة الأمن والاستقرار خدمةً لمصالح دول وقوى أجنبية. وأوضح، في كلمته خلال الاجتماع ال 34، أن هذه الحوادث الأمنية برهنت على مجموعةٍ من الحقائق التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، عند التعامل مع متطلبات تعزيز العمل الأمني المشترك «وفي مقدمتها الاهتمام البالغ لقادة دول المجلس بتلك الحوادث، ومتابعتهم مجريات الأمور والتحقيقات الأمنية، وتوجيهاتهم للأجهزة الأمنية في كيفية التعامل الأمني المطلوب، وكذلك سرعة الأجهزة الأمنية الخليجية في كشف ملابسات الحوادث والقبض على الجناة وفضح القوى الداعمة لهم»، ملاحظاً الدور المحوري البنَّاء للمواطن الخليجي في معاونة أجهزة الأمن على أداء دورها الوطني ومشاركته الإيجابية في منع الجريمة. واعتبر الزياني أن «التحديات الجسيمة التي تواجه دولَنا، تتطلب كثيراً من اليقظة والمتابعة والعمل الأمني المتواصل من أجل توسيع مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين كافة الأجهزة الأمنية في دول المجلس، أو من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية للدول الحليفة والصديقة أو مع المنظمات الدولية المتخصصة؛ لحماية أمن دول المجلس والحفاظ على استقراراها وصيانة مكتسباتها وإنجازاتها التنموية». ونوه إلى ما توليه دول المجلس من اهتمامٍ ملموسٍ بأهمية عقد المؤتمرات الدولية المتخصصة في كافة مجالات الشؤون الأمنية، تعزيزاً للعمل المشترك «الأمر الذي ينعكس إيجاباً على توسيع مدارك منسوبي الأجهزة الأمنية وزيادة قدراتهم ورفع مستوى الكفاءة لديهم». وتوقَّع الأمين العام أن يرفع توسيع دائرة الاهتمام بالقضايا الأمنية المعاصرة، وبالأخص الجريمة المنظمة العابرة للحدود، من مستوى المعرفة والإدراك لدى عناصر الأجهزة الأمنية، وأن يعزِّز قدراتهم ويؤهلهم للتعامل بكفاءة مع خفايا الجرائم وأدلتها وعناصر كشف مرتكبيها.