ودع مجتمع الأعمال يوم أمس الجمعة ، أحد أبرز رجال الأعمال في المنطقة الشرقية والسعودية، عبدالله فؤاد بن عبدالعزيز أبوبشيت عن عمر يناهز 90 عاما، حيث ووري جثمانه الثرى عقب صلاة الجمعة بمدينة الدمام، والراحل رئيس مجلس إدارة مجموعة عبدالله فؤاد القابضة، التي يعود تأسيسها إلى أكثر من 60 عاما مضت، وتعمل في مجالات مختلفة صناعية وتجارية واستثمارية، يعتبر عبدالله فؤاد، من رجال الأعمال العصاميين الذين أثبتوا نجاحهم من العدم، وصاحب سيرة حافلة بالتحديات، حيث بدأ حياته العملية في سن مبكرة، ففي عام 1940 التحق بالعمل في شركة الزيت العربية (أرامكو السعودية)، بوظيفة مراسل بأجر يومي يبلغ 75 هللة، وتنقل في أكثر من وظيفية في الشركة، إلى أن أتيحت له الفرصة وتحديدا نهاية عام 1947، حيث حصل وهو على رأس العمل على مقاولة غسيل سيارات تابعة لأرامكو في منطقة رحيمة، بواقع 10 سيارات يوميا من خلال 12 عاملا، يعملون بنظام الورديات، وبعدها نفذ مقاولة أخرى للشركة في رأس تنورة بقيمة 17 ألف ريال، وقد حقق المشروعان أرباحا جيدة، مما زاد لديه الطموح والرغبة في الوصول، وأيقن حينها بأهمية التفرغ للعمل الخاص، فقرر أن يترك العمل في الشركة، في الوقت الذي كانت فيه أرامكو تدعم المقاولين السعوديين وتؤهلهم، لتنفيذ مشاريع تابعة لها، وبعد أن أنجز مشروع رأس تنورة وفق الشروط المحددة، تم اختياره مع مجموعة من المؤسسات السعودية للمشاركة في بناء خط أنابيب التابلاين عبر البلدان العربية في عام 1948، وخلال عامين توفرت لديه سيولة نقدية، واشترى بعض العقارات وتاجرت فيها، وأواخر عام 1950افتتح مكتبا للترجمة في الدمام، واتفق مع شركة أرامكو على أن يقوم بترجمة بعض المقتطفات من الصحف والمراسلات والعقود الخاصة بها، وفي عام 1954 حصل على مقاولة صغيرة من شركة أمريكية تنفذ أعمالاً في مطار الظهران، وكان في حاجة إلى عشرة آلاف ريال أسبوعيا لتنفيذها، ولم يكن بحوزته هذا المبلغ، وفكر في الشراكة، لأنها كانت الحل الوحيد المتوفر أمامه، وبعد فترة من البحث اتفق مع الأخوين عبد العزيز وسعد المعجل، على أن يشاركاه في المشروع فوافقا، وبعدها بعام فاز بمقاولة للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية بمساعدة شركة إيطالية، بقيمة تبلغ 35 ألف ريال للبرج الواحد، وحقق من المشروع وملحقاته ربحاً بلغ 50 ألف ريال، وخلال سنوات من الجهد والمثابرة توسعت اعماله وتحديدا في مجال المقاولات، التي كان يرى أنها المجال الأمثل لتحقيق النقلة الكيفية في مشوار حياته، فأرباح المقاولات عالية، وفي عام 1960، حصل على مقاولة لبناء ثلاث مدارس في الخبر، الدمام، ورحيمة لصالح شركة أرامكو، نفذها بشكل جيد وانتهي منها في شهر آب (أغسطس) عام 1962، وأثناء زيارته لمكتب المقاولات التابع لأرامكو في الظهران، للاطلاع على الأعمال المعروضة للمقاولات، قابل هناك صديق دربه علي التميمي، فعرض عليه المشاركة في المشروع واتفقا على تأسيس شركة باسم تميمي وفؤاد، وكانت تلك البداية الحقيقية التي استمرت ما يزيد على 24 عاماً، وبدأت أعمال «التميمي وفؤاد» تنمو بشكل كبير، حيث تنوعت الاستثمارات في الشركة مابين شراء العقارات والدخول في مجالات جديدة مثل الاستثمار في أسهم البنوك، كما أسسا شركات ومصانع وفنادق وحصلا على وكالات عالمية كبرى، وكان متوسط العمال حينها يفوق السبعة آلاف فرد، ينتمون إلى 22 بلداً من مختلف أنحاء العالم، وفي عام 1979، وبعد فترة قصيرة من تأسيس شركة التميمي وفؤاد للأطعمة «قلوبال»، أدخلت فكرة الأسواق المركزية الحديثة للسعودية عن طريق افتتاح أول سوبر ماركت في الخبر، ثم افتتح آخر في الدمام، إضافة إلى ثلاثة أخرى في الرياض واثنين في جدة، وكانا من أوائل المؤسسين لبنك إنفستكورب بالبحرين، ومن المساهمين الأوائل في عدد من البنوك والشركات السعودية العملاقة. أثناء الشراكة المتميزة التي جمعت بين عبدالله فؤاد والتميمي ومنذ تأسيسها، اتفقا على أن لكل منهما الحق في الاستثمار منفرداً، وقام عبدالله فؤاد بتأسيس مؤسسة فؤاد عبد الله فؤاد (فافكو) 1971، التي عملت في مجال المقاولات في بدايتها، فنفذت مشاريع ضخمة لصالح أرامكو وعدداً من الشركات السعودية الكبرى، كما نفذت لاحقاً مبنى مستشفى عبد الله فؤاد، والمقر الرئيس للمجموعة وعدداً من المصانع والمجمعات السكنية، إضافة إلى المؤسسة الأم «عبدالله فؤاد»، وفي المقابل توسعت ونمت أنشطتنا التي تحولت إلى مجموعة شركات تحت اسم «مجموعة شركات عبد الله فؤاد». ولم يغفل حينها، فأسس مشاريع مشتركة قامت بإمداد شركات متعددة كأرامكو السعودية، بترومين، والإسمنت السعودي البحريني، كما أسس أيضا شركة «فابكو» التي تصنع الورق وأنابيب البلاستيك، وكان يقول إن أبرز قرار استثماري اتخذته هو إنشاء مستشفى عبد الله فؤاد في الدمام، نظراً لما قدمه من خدمات متميزة للمنطقة وأهاليها، حيث افتتح عام 1980، بطاقة استيعابية 310 سرر، وصنف رسمياً مستشفى درجة أولى في المنطقة الشرقية، وقد سعد كثيراً عندما أطلق اسمه على الحي الذي يعد أحد أكبر الأحياء في مدينة الدمام. في أواخر عام 1981 تعرضت الأسواق العالمية لركود اقتصادي، دفع البنوك الأجنبية في البحرين إلى مطالبة رجال الأعمال بتسديد ما عليهم من قروض، وشمل ذلك الإجراء رجال الأعمال في السعودية ودول الخليج العربية ولم يستثن أحدا، كان حجم المبالغ والتسهيلات الممنوحة له قرابة 800 مليون ريال، فسارع حينها بحصر ممتلكاته واستثماراته التي تمثلت في مشاركات تجارية مع رجال أعمال وشركته الخاصة، إضافة إلى استثمارات في أسهم في بنوك محلية وعالمية، كما أنهى بعض الشراكات ومنها (تميمي وفؤاد) وأصدقاء آخرين، خوفا من أن تضع البنوك يدها على تلك الشركات، وقد توصل مع البنوك الدائنة الى تسوية، وبعد أن تحرر من الديون بدأ يضع يده في العمل بشكل أكبر وركز على تنظيمه، وإعادة توزيع المسؤوليات والصلاحيات، وتم وضع خطة عملية ساهمت في تطور أعمال المجموعة إلى أن نهضت من جديد، وبعد عودة الأمور إلى نصابها، قرر إعادة هيكلة المجموعة لتصبح عائلية يشترك فيها كل أفراد عائلته، ووزع رأس مالها على أبنائه توزيعاً شرعياً، واحتفظ بحصة 4%، وقام بدمج كل الأنشطة «المقاولات، التجارة، الوكالات، الترفيه» في شركة واحدة يرأسها حاليا ابنه فيصل. أكد الراحل، في حديث سابق مع (الشرق)،أن الشركة لديها نية في طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام، حيث إن التحول إلى شركة مساهمة عامة من أهم الخيارات المتاحة، للمحافظة على استمرارية الشركة وأداء دورها في عملية التنمية الاقتصادية، وصمودها أمام كافة التحديات المحلية والخارجية، ويمنح التحول إلى شركة مساهمة عامة تجنب الانهيار عند غياب المؤسسين، علما أن الشركات العائلية تسيطر على اقتصاد منطقة الخليج، وكان يرى أن من مصلحة تلك الشركات أن تتحول إلى شركات مساهمة، ضمانا لبقائها واستمراريتها وأيضا لتعزيز قدرتها على المنافسة وفرص التوسع المستقبلية . بعد أن خاض أكبر تجربة في حياته العملية، التي كادت أن تقضي عليه، كتب رسالة إلى أبنائه مضمونها: لا تخف، دافع عن حقك،لا ترهب قوة خصمك العملاق وضعفك، المهم أن تصبر وتستمر، صمودك هو نصف المعركة ونفاد صبرك هو بداية الاستسلام، إذا صادفتك في حياتك مصاعب وعقبات وأزمات، فهذه ليست نهاية العالم، ملايين غيرك واجهوا الشدائد، وتغلبوا على المحن وقعوا على الأرض ثم حاولوا الوقوف من جديد، فشلوا عدة مرات ونجحوا في النهاية، انظر حولك إلى كل الناجحين في الحياة، نجاحهم لم يكن سهلاً، دفعوا من راحتهم وأعصابهم، قامروا بحياتهم، فقدوا صحتهم شقوا وتعذبوا، وبعد ذلك وصلوا إلى ما هم فيه من مجد ونجاح، فليكن الصبر والمواجهة والنجاح حليفنا بإذن الله، إذا جاء الليل فأضئ الكهرباء وإذا انقطعت فأشعل شمعة، وإذا ذابت فأشعل عود ثقاب، وإذا انطفأ فاغمض عينيك وانتظر شروق الشمس من جديد». هذه نصيحتي لكل من يقرر أن يسير في عالم المال والتجارة. ولد عبدالله فؤاد، في مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية عام 1924، عاش طفولته متنقلا بين الدماموالبحرين، كانت تلك الفترة صعبة وقاسية، وقد استطاع أن يتعلم ويكتسب خبرة على الرغم من صغر سنه، والتحق العمل في شركة الزيت العربية (أرامكو السعودية)، وهو لم يكمل عامه ال 26 بأجر يومي أقل من ريال في اليوم، كان ينظر إلى إمكانية التحاقه بالعمل في أرامكو بأنه مستحيل، كونه لايحمل شهادة ولا لغة إنجليزية تؤهله للانضمام إلى موظفي الشركة السعوديين، بدأ بالعمل فيها مراسلا بين مكاتب الشركة وبعدها ساعيا للبريد، إلى أن وصل إلى وظيفة رئيس مكتب شؤون الموظفين في رأس تنورة، ترك العمل في أرامكو واتجه للعمل الحر، وحصل على مقاولات صغيرة لصالح أرامكو في الظهران ورأس تنورة، وأثبت جدارته إلى أن أصبح واحدا من أكبر المقاولين حينها، ودخل في مشاركات ناجحة مع مستثمرين آخرين، وقد تسببت مطالبات من بنوك بلغت 800 مليون ريال إلى أن يخسر جزءا كبيرا من ثروته ومن مشاركاته واستثماراته المحلية والخارجية، عبدالله فؤاد، صاحب سيرة حافلة بالإنجازات والتحديات، يجب أن يقرأها كل من لديه رغبة في الدخول في عالم التجارة، فهو مدرسة تمثل جيلين متتاليين، الزميل خالد بوعلي، رئيس التحرير، أعد في عام 1999 كتابا تضمن سيرة عبدالله فؤاد، بعنوان (مشوار الإصرار والتحدي)، وزع في حينها مجانا ولحقته طبعة أخرى صدرت في لندن باللغة الإنجليزية.