في وقتٍ رصَد الاتحاد الأوروبي موازنةً لمساعدة إفريقيا على مكافحة الهجرة منها؛ أثار وزير المالية الألماني، ولفغانغ شويبله، موجة غضبٍ بعد تشبيهه تدفُّق اللاجئين القياسي إلى بلاده ب «الانهيار الثلجي». وأعلن الأوروبيون أمس، خلال قمة في العاصمة المالطية فاليتا، إنشاء صندوقٍ بقيمة 1.8 مليار يورو لعلاج «الأسباب العميقة لقدوم مهاجرين أفارقة». في المقابل؛ أبدت دول إفريقية انزعاجاً من الإصرار على إعادة مزيدٍ من هؤلاء إلى بلدانهم. وجمعت قمة فاليتا، التي بدأت أمس الأول، حوالي خمسين رئيس دولة وحكومة من القارتين، واختُتِمَت أمس بإعلان خطة عملٍ مشتركة تسرد مبادرات ينبغي تطبيقها سريعاً. وفي محادثاته مع الدول الإفريقية؛ رصد الاتحاد الأوروبي موازنةً لتمويل مشاريع إبطاء توافد الأفارقة إلى أراضيه. لكنه حث الدول الأعضاء فيها على تقديم مساهمات أيضاً من أجل مضاعفة هذا المبلغ (1.8 مليار يورو). وأكدت المفوضية الأوروبية أن وعود المساهمات من قِبَل الدول الأعضاء لم تتجاوز حتى الآن 78 مليون يورو تُضَافُ إلى المبلغ المخصص على مستوى الاتحاد. وعلَّق رئيس النيجر، محمدو يوسوفو، بالقول «إن هذا غير كافٍ»، معبِّراً عن آراء عدد من نظرائه. ورغم اقتراب الشتاء؛ لم يتراجع وصول المهاجرين، ما دفع سلوفينيا الأربعاء إلى نصب أسلاك شائكة على طول حدودها مع كرواتيا. وبعد ساعات؛ أعلنت السويد إعادة فرض الرقابة على حدودها على أمل الحد من أعداد الوافدين. واستدرك رئيس الوزراء السويدي، ستيفان لوفن، أمس قائلاً «لن نقيم جداراً، لكن يجب أن نتأكد من وجود ضوابط على الحدود». بدوره؛ اعتبر رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أن القارة في سباقٍ مع الزمن لإنقاذ اتفاقية «شنغن» للتنقل الحر بين دولها، مُشدِّداً «نحن مصممون على الفوز بهذا السباق». وفي بيانهم المشترك في ختام قمتهم؛ تعهد الأوروبيون والأفارقة بأن يديروا معاً أزمة تدفقات الهجرة بكل جوانبها. لكن هذا لم يحُل دون إبداء قادة أفارقة الانزعاج من «الضغوط الأوروبية»، التي تمارس على قارتهم. ورأى رئيس السنغال، ماكي سال، أن المهاجرين «ليسوا بمثل العدد الذي يجري الحديث عنه»، متسائلاً «لماذا كل هذا التركيز على الآتين من دولنا؟». وذكَّر رئيس ساحل العاج، الحسن وتارا، باحتواء بلاده %25 من الأجانب «ما يشكِّل نموذجاً للاندماج». ويأمل الأوروبيون مع إطلاق صندوق ال 1.8 مليار يورو إقناع شركائهم في إفريقيا بقبول مزيدٍ من المهاجرين غير الشرعيين الذين يتمُّ ترحيلهم. لكن ماكي سال رفض «الإصرار على إعادة الأفارقة إلى دولهم فيما يجري الحديث عن استقبال سوريين وآخرين»، وقال «إنها معاملة تنطوي على تمييز ونحن نندد بها». ولاحظ الحسن وتارا أن «إعادة المهاجرين إلى دولهم يجب ألا تكون الرد الوحيد.. ففي الواقع يحتاج بعضهم للحماية على غرار القادمين من دول أخرى». وتقترح خطة العمل المشتركة أيضاً تشجيع وصول مسؤولي هجرة أفارقة إلى أوروبا لمساعدة نظرائهم على تحديد جنسية المسافرين غير الشرعيين. وتقرَّر بدء تجربةٍ لهذه العملية العام المقبل مع عشر دول إفريقية تطوعت لذلك. وشدد القادة الأفارقة على ضرورة إعطاء الأولوية لتعزيز الهجرة الشرعية إلى أوروبا. ورد الأوروبيون بخجلٍ عبر قبول مضاعفة عدد منح الدراسة للطلاب والباحثين الأفارقة. إلى ذلك؛ أثار وزير المالية الألماني، ولفغانغ شويبله، موجة من الغضب أمس بسبب تصريحاته، التي شبَّه فيها تدفق اللاجئين القياسي إلى بلاده ب «الانهيار الثلجي»، ما صبَّ الزيت على نار نقاش داخلي محتدم أصلاً. وأبلغ شويبله نحو 200 شخص شاركوا في مؤتمرٍ ببرلين الأربعاء بقوله «لا أدري ما إذا كنَّا في مرحلة وصل فيها الانهيار الثلجي إلى الوادي، أم إننا ما زلنا في مرحلة لا يزال فيها الانهيار الثلجي في أعلى قمة السفح». واعتبر أن «السبب في الانهيار الثلجي قد يكون متزلِّجاً مهمِلاً على السفوح يحرِّك قليلاً من الثلج» في إشارة مبطَّنة على ما يبدو إلى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل. وأثارت تصريحات الوزير المحافظ غضباً، ودانها وزير العدل، هيكو ماس. وكتب ماس في تغريدة على «تويتر»: «إن الأشخاص المحتاجين ليسوا كارثة طبيعية (..) يجب أن نحكم المنطق في النقاش حول اللاجئين وألا نصب الزيت على النار». ورأى نائب المستشارة، سيغمار غابرييل، أنه «كان يجب تجنب مثل هذه المقارنة». ووصفت صحيفة «شبيغل» المحلية على موقعها الإلكتروني تصريح شويبله ب «تشبيه خاطئ وخطير». وزادت أن «هذا هو خطاب الغوغائيين وكارهي الأجانب (…) وزلَّة لسان».