وزارة الصحة غاضبة! هذا ما كشف عنه بيان صحافي، أرسلته الوزارة إلى عديد من الصحف! «صحتك بالدنيا» يا وزارتنا العزيزة، فأنتِ أكثر العارفين بالانعكاسات الخطيرة للغضب على الصحة! لكن ما هو سبب غضب الوزارة الحليمة؟! غضب الحليم وراءه شر عظيم كما في الأثر! بحسب البيان غضب الوزارة مرده إلى «كثرة النشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن طلبات العلاج». يا للعجب! فقط، سأسأل الوزارة الموقرة سؤالاً واحداً: في مجتمع يرتعب أفراده من أن يقترفوا فعلاً، أو قولاً معيباً اجتماعياً، ما الذي يدفع أحدهم إلى أن يريق ماء وجهه، وينشر صورته، واسمه، واسم عائلته على الملأ ل «يتسوّل» علاجاً، أو يتوسل مسؤولاً؟! بدلاً من أن تبحث وزارة الصحة عن دوافع هذا الفعل «المعيب» اجتماعياً، راحت تلوم المريض: «استحِ على وجهك»! وما عرفت أن أول ما ضحى به هو الحياء، يوم أن ضرب بعرض الحائط ثقافة العيب، و«وش يقولون عنّا الناس»، بعد أن وصل إلى مرحلة من اليأس، تساوى فيها عنده كل شيء! ماذا تريد وزارة الصحة من «يائس» لم يعد لديه ما يخسره بعد أن خسر صحته، ويخوض مع المرض حرباً طاحنة لاستردادها؟! هل تريده أن يموت بصمت؟! هكذا يفهم المرضى المعنيون غضب وزارة الصحة! وزارة الصحة لديها عجز وقصور واضح، والمرضى الذين ينشرون طلبات علاجهم عبر وسائل الإعلام لا يعوّلون عليها كثيراً، إلا أن تصادف استغاثاتهم «ضوءاً وحشداً من الناس» يستنفر شهامة مسؤول ما، كما جرت العادة! تعويلهم الأكبر على شهامة الخيّرين، الذين كثيراً ما بادروا بمد يد العون من أجل الله فقط. لكن تجربة الخيّرين مهددة بالفشل، لأن غياب المعلومة قد يبتز شهامتهم، فيمدون أيديهم إلى محتال، ولص، وعدو، وهذا ما حدث فعلاً من قبل، وأحياناً تأخذهم الريبة فيتخاذلون عن نجدة محتاج، لأنهم لا يملكون معلومة موثوقة! من أجل ذلك، سبق أن طالبت وزارة الصحة بإنشاء «جمعية إنسانية إلكترونية» تقدم للخيّرين معلومة موثوقة عن الحالات المرضية، ليرفعوا بعض الحمل عن كاهلها، ويساعدوها على التكافل الاجتماعي الصحي، بعد أن تطمئنهم على أن إسهاماتهم ستذهب إلى مَنْ يستحقها. وكثّر الله خيرك يا صحة!