كشف الدكتور نبيل عباس رئيس الاتحاد العربي للتحكيم الهندسي أن خسائر نزاعات قطاع التشييد والبناء والمقاولات في المملكة خلال العام الهجري المنصرم بلغت ما يقارب 5 مليارات ريال سعودي، داعياً إلى ضرورة تأسيس مراكز للتحكيم كما هو معمول به في دول خليجية وحتى تتمكن من شغل فراغ تعثر كثير من المشاريع وتأخر خلافاتها داخل أروقة المحاكم، بسبب عدم تخصص القضاة ببعض الأمور الفنية، مما تطول معه سنوات التقاضي، مشدداً على أنه في زمن ترشيد التكلفة يصبح لزاماً وجود مركز تحكيم يحمل صيغة متطورة للتفاهم وتجاوز الخلافات والنزاعات ويكون كبديل للجوء إلى القضاء. وقال عباس إن الشركات السعودية وأثناء حدوث النزاعات تلجأ إما للمحاكم، وهو ما ينتج عنه خسائر بسبب طول فترة التقاضي، وإما لمراكز التحكيم خارج السعودية؛ حيث تخسر هناك أغلب قضاياها ، بسبب عدم الوعي بفنيات التعاقد واشتراطاتها مع مراكز التحكيم الدولية، مشيراً إلى أن السعودية باتت من أكثر الأسواق الإنشائية تطوراً وتعقيداً؛ نظراً للعدد الكبير من المتعاملين في السوق واختلاف العقود وتداخل الأطراف، ما نتج عنه ظهور قضايا وخلافات معقدة، وهو ما يستدعي الحاجة إلى إنشاء مركز تحكيم سعودي مهني محايد كمظلة يستطيع دراسة وتحليل واستيعاب أبعاد الخلاف وإصدار الحكم. وأبان عباس أن نحو 60% من المنازعات المرفوعة لدى المحاكم السعودية تخص قطاع الإنشاءات، كما أن قيمة المنازعات في كل قضية تبدأ من نصف مليون ريال لتصل إلى 100 مليون ريال، مشيراً إلى أنه نظراً لخصوصية خلافات المشاريع وتركيزها على النواحي الفنية، فإنها تتطلب مواصفات خاصة ونوعاً من الخبرة العلمية المتخصصة والعملية ومعرفة الأحوال والأوضاع في مواقع المشاريع، وهذا ما قد لا يتوافر في جميع المحاكم، مما تطول معه مدة التقاضي لتصل إلى 5 سنوات، مشدداً على أن المصلحة تقتضي سرعة حسم المنازعات حتى لا يتعثر العمل، لاسيما أن السرعة في هذه القضايا تعني تحريك عجلة نمو الاقتصاد وتشجيع المستثمرين للدخول في مشاريع استثمارية جديدة. وكشف عباس أنه انتهى أخيراً وبمساعدة مجموعة من المحكمين المعترف بهم دولياً والمسجلين في مراكز التحكيم الإقليمية والدولية، من وضع التصور المبدئي لمركز تحكيم سعودي مؤسسي يعمل على أسس محايدة لحل المنازعات، مشيرا إلى أن المركز إذا ما تم إطلاقه سيكون أول مركز تحكيم سعودي معتمد، وسوف يهدف إلى تعزيز الثقة المتبادلة بين الأطراف المتعاقدة في السوق السعودي وتخفيف العبء على القضاء والمحاكم، ناهيك عن السرعة في تسوية المنازعات العقارية والتقليل من الخسائر والتعثر، كما سيضم قسماً خاصاً بالتوفيق ليكون من الوسائل البديلة لحسم النزاعات والوصول إلى اتفاق ودي وعادل بين الطرفين بفضل تدخل وسيط مهني محايد ومستقل.