أسهم التطور الحديث في العلاقات التجارية والاقتصادية في العالم، في إبراز الأهمية القصوى لنظام التحكيم، باعتباره مكوناً أساسياً في سبيل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، فالتحكيم هو وسيلة قانونية أفسح المشرِّع لها المجال للفصل في المنازعات المتفق على عرضها على التحكيم كنظام موازٍ للقضاء لا يخلو من عديد من المزايا حيث ينتهي إلى حكم يتقيد به الأطراف ويؤدي إلى حسم النزاع، شأنه في ذلك شأن القضاء ولكن بسرعة ملحوظة وبقدر أقل من الجهد. وقد ازدهر نظام التحكيم التجاري في مختلف دول العالم حتى أصبح مسانداً للنظام القضائي كجهة أصيلة في الفصل في المنازعات المختلفة، وذلك لأنه أكثر شفافية ووضوحاً لجميع المستثمرين أفضل مما كان عليه الحال سابقاً، الأمر الذي جعل من التحكيم خياراً مفضلاً عن القضاء خاصة للمستثمر الخارجي. والقيادة الحكيمة لا تألو جهداً وتشجيعاً لمواكبة متطلبات تطوير الأنظمة حسب مقتضيات العصر، وكان ذلك بصدور نظام التحكيم الجديد الذي يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية السمحة ومع القواعد الدولية مثل قواعد الينوسترال (UNCITRAL ARBITRATION ROULES) لجنة قانون التجارة الدولية، وكمثال ما جاء في المادة الثالثة من نظام التحكيم الجديد: «يكون النزاع متعلقاً بالتجارة الدولية إذا كانت العلاقة النظامية التي يدور حولها هذا النزاع ذات طابع اقتصادي، وترتب عليها آثار في أكثر من دولة أياً كان أطراف النزاع»، فهذا التعديل سيعزز استقطاب المستثمرين مما سيساعد على زيادة التوسع وازدهار العمل التجاري محلياً ودولياً، لأن المستثمر الأجنبي يفضل الفصل في النزاع عن طريق التحكيم وذلك لما يقدمه من مزايا عديدة لأطراف النزاع، تتمثل في السرعة في القرار والمرونة في الإجراءات والتكلفة الأقل وسرية المنازعات لتجنب نشر الأسرار التجارية والمالية، وبذلك يتم تفادي الآثار السلبية التي تترتب على العلانية كما هو الحال في إجراءات التقاضي، وبذلك يمكن لأطراف النزاع عند اللجوء للتحكيم الاستمرار في علاقتهم ومواصلة التعاملات التجارية بعد تسوية النزاع؛ لذلك يعد التحكيم نظاماً مساعداً للقضاء يسهم في إيجاد عديد من الإيجايبات.