أنْ تكون لكَ ذاكرة الوجدان، لقداسة الأخدود، تمرّ من جنبه، فتبرد راحتاك، وترتعش شفاهك، وتفرّ من عينيك قصيدة تلو قصيدة .. تصفُ المحرقة، ولا تكتب، من الصعب على المخلوق أن يكتب المُقدّس! • أنْ تُدندن في العصرِ الأشيب صوب خرافة فوق جبلِ «أبوهمدان»، فتشعرُ بكَ أسطورة فوق جبل «رعوم»، وتشعر بها، فالغناء لها من قبل ومن بعدُ! • أنْ تخرج قليلاً من ضجيج المدينة الحالمة، وتترجل من فوق راحلتك المعدنية، تمشي قليلاً .. وتدرك أن قوافل العرب وبطونها الأُول مرّت من هنا، وشربتْ من ماء «حِمى»، ونحتت أشواقها فوق صخور نجران .. هناك تركت العرب قلوبها فوق الصخور، ومضتْ! • أنْ يرتاح الأراك مخضراً، ويسبّح باسم ربه الأعلى، في عطن عشيرة النبات على ضفاف الوادي الكبير. • أنْ تكون الحشائش مجتمعة كثيفة، تحت نخلة عملاقة أمام بيت طين، يتحاكمون عندها! • أنْ تجدَ بيوتاً متقاربة في مزارع محفوفة بالسَعَفِ اليابس المرصوف، وصوت «المكينة» من بعيد؛ دقاتُ قلب ذلك المكان .. حيث يسمّيه أهله «إلْوَطَنْ»! • أنْ تكون مقابر الأجداد حول المنازل .. والأطفال لا تخشى التجوّل ليلاً! • أنْ تكون المسافةُ بين «لوبي الفندق خمسة نجوم» والصحراء الناعمة عشر دقائق، بتوقيت العَربة! • أنْ تكون المسافة بين باب بيتك والجبل التليد عشر ثوانٍ، بتوقيت قدمك العرجاء! • أنْ تعرف نصف أهل المدينة، كإنسان عادي! • أنْ تستيقظ الضحى، على غناء أمك داخل المطبخ وهي تُزلُّ القهوة، غناء لن يتقنه سواها. • أنْ تسمعَ أباكَ يعوي في المغيب، وهو يردد «مسحوباً» سمعه من أبيه عن جدّه .. عن جدّه في جدّته!