لم تكن القمة السعودية الأمريكية التي جمعت الملك سلمان والرئيس أوباما في واشنطن عادية. إنها قمة استثنائية بكل المقاييس. هكذا علَّق صحفي أمريكي التقيته خلال الزيارة الملكية، وبالفعل كانت القمة كذلك. الأمريكيون أولَوا الزيارة اهتماماً بالغاً لاعتبارات عديدة، فهي الأولى التي يزور فيها الملك سلمان، بصفته ملكاً، لواشنطن. وجاءت في وضع مضطرب تمرّ به منطقة الشرق الأوسط. وقد أبهر الملك سلمان الأمريكيين بوضوح الرؤية السعودية وحرصها على إعادة الاستقرار إلى المنطقة والتطلع لآفاق شراكات استراتيجية في كافة المجالات. الزيارة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن المملكة هي الحلقة الأقوى، وما فعلته وتفعله سوف ينعكس إيجاباً على المنطقة كلها. وليس من قبيل المبالغة القول إنها انعكاساتها الإيجابية للعالم بأسره. عندما تشاهد التقدير لدى الآخر؛ فإنك تسعد وتشعر بالفخر.. هذا ما لاحظنا كوفد سعودي في واشنطن. الجميع من الطرف الآخر يؤكد أن السعودية، ومنذ لقاء المغفور له الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت حتى قمة العالم بين الملك سلمان والرئيس أوباما، تسعى جاهدة لإقامة علاقات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة، وكذلك مع دول العالم الأخرى من منطلق المصالح المشتركة التي تخدم جميع الأطراف، مع التركيز على عدم الإضرار أو التدخل في شؤون الآخرين. رؤية الملك الثاقبة تمثلت في التوافق على رؤية مشتركة وتكثيف الجهود للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها بما يعود بالنفع على حكومتيهما وشعبيهما، خاصة في مواجهة نشاطات إيران الرامية لزعزعة الاستقرار. الملك سلمان أعلن دعمه الاتفاق النووي الذي وقعته دول 5 + 1 مع إيران والذي سيضمن حال تطبيقه عدم حصول إيران، على سلاح نووي مما سيعزز أمن المنطقة. وتلك مسألة مهمة جداً، وقد أثارت من قبل تساؤلات عديدة حسمها الملك في هذه القمة التاريخية. لقد تجسَّد ثقل المملكة بشكل واضح كذلك فيما يتعلق بمواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة في المنطقة، فالمملكة والولاياتالمتحدةالأمريكية تقودان الحرب على الإرهاب وفق رؤية مشتركة تتطلب جهوداً دؤوبة، قد تكون طويلة في مداها، لكنها بالتأكيد ستجتثه مهما طالت تلك المدة. الأمريكيون الذين التقيتهم أبدوا انبهاراً واندهاشاً فيما يتعلق بما حدث في اليمن، وكيف استطاعت المملكة وخلال أيام قليلة تشكيل تحالف دولي لإعادة الشرعية في اليمن وإصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. الأمريكيون يعون جيداً أن المملكة بثقلها وزعامتها تستطيع أن تعيد الأمور إلى نصابها. إلا أن السرعة التي تمت بها الأمور مدعاة لتسجيل الإعجاب، خاصة أن دولاً عظمى تحتاج إلى أشهر إن لم نقل سنوات قبل الإقدام على أمر مشابه. أثار الملك سلمان الإعجاب حقاً، وهو يؤكد التزام المملكة العربية السعودية بتقديم المساعدة للشعب اليمني والعمل مع أعضاء التحالف والشركاء الدوليين بما في ذلك منظمة الأممالمتحدة للسماح بوصول المساعدات المقدمة من الأممالمتحدة وشركائها. ويشمل ذلك إيصال الوقود للمتضررين في اليمن، والعمل على فتح الموانئ اليمنية على البحر الأحمر لتشغيلها تحت إشراف الأممالمتحدة لتقديم المساعدات الواردة من الأممالمتحدة وشركائها. ذلك العمل له أولوية قبل كل شيء، على الرغم من جرائم الحوثي وعلي عبدالله صالح في حق اليمنيين من جهة، واعتدائهم على الأراضي السعودية من جهة أخرى.