أكثر ضحاياها ألماً هم الأيتام والأرامل، خاصة من ذوي القربى، ومن بعدهم يأتي آخرون، أسر وأفراد، تجار، وبسطاء، يقعون ضحايا أناس فقدوا دينهم وإنسانيتهم وأخلاقهم، وقرروا استغلال ما في يدهم من وثائق، ووكالات شرعية، ليخونوا مَنْ وثقوا فيهم. الوكالات الشرعية، وغيرها من التفويضات، التي تُمنح إلى موكلين بدلاً من أن تكون وسيلة لتسهيل شؤون الموكِّل، أصبحت كارثة عليه. منذ أيام نشرت الصحافة المحلية خبراً عن استقبال وزارة العدل أكثر من 300 دعوى، تطالب بمحاسبة وكلاء شرعيين، وملاحقتهم قانونياً، وذلك بعد أن تعرض أصحاب هذه الوكالات إلى عمليات نصب وسرقة، وخيانة الأمانة من هؤلاء الوكلاء، وذلك خلال الأشهر العشرة الماضية، وسجلت مكة أعلى نسبة من تلك الشكاوى، ومن ثم الرياض، فالمنطقة الشرقية، ومناطق مختلفة. هذه الدعاوى تكشف عن مشكلة قديمة وخطيرة لابد من معالجتها بشكل حاسم، وإلا استمرت في التصاعد. أفراد أسر يشتكون من استغلال ذوي القربى لهم بعد وفاة الوالد، حيث تستمر الضغوط عليهم لتوكيل أحد أفراد الأسرة بحجة أنهم أحرص على أحفادهم، أو أبناء أخيهم، ومن ثم يتلاعب هؤلاء بالوكالة ليضيع حق الأيتام كما يحدث لغيرهم. وتكشف لقاءات مع محامين، وضحايا للوكلاء عن أمور مأساوية لا يمكن أن تنتهي إلا بوضع حلول جذرية لمشكلة أساسية وهي تفعيل إلغاء الوكالة في حال شعر الموكِّل بتلاعب الوكيل. هناك مَنْ يستغل تلك الوكالات حتى بعد إلغائها لأن الجهات الأخرى لا تعلم عن الإلغاء، والنشر في الصحافة لا يقوم بالدور المطلوب، والوكلاء يدعون أنهم لم يبلَّغوا بالإلغاء، وكثير من الموظفين في الجهات الحكومية، أو الأهلية لا يدققون في صلاحية الوكالة، خاصة التاريخ، لأنه يُكتب بخط غير واضح، ولذلك لابد من تشكيل لجنة شرعية وفنية للوصول إلى حل جذري مثل: ربط الوكالات بالشبكة الإلكترونية، أو إنشاء موقع إلكتروني يمكن لأي جهة معرفة صلاحية الوكالة من خلاله، كذلك يجب أن تُغلَّظ العقوبة ضد أي موظف في أي جهة حكومية، أو أهلية يقبل وكالة منتهية الصلاحية، ويمكن توظيف نساء للتعرُّف على هوية الموكلات، كما يحدث في إجراءات تطبيق النساء في المنافذ. يمكننا فعل كثير من العمل وإنقاذ المتضررين من ضعاف النفوس بوضع نظام ورقي وإلكتروني لحماية الموكِّلين من الوكلاء!