كشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن استقراره على دعوة مواطنيه إلى انتخابات مبكِّرة بعد فشل مشاورات تشكيل ائتلاف حكومي، في وقتٍ أفيد بسعي أنقرة إلى تمديد تدخُّل قواتها في شمال العراق وشرق سوريا لمدة عام. وأعلن الرئيس أمس استقراره على دعوة الناخبين إلى اقتراع تشريعي جديد حُدِّد موعده مبدئياً بالأول من نوفمبر المقبل. وأبلغ رجب طيب أردوغان صحفيين التقوه لدى خروجه من مسجدٍ في إسطنبول بقوله «سنأخذ بلادنا إلى الانتخابات.. سنصوِّت في تشريعيات جديدة في الأول من نوفمبر»، كاشفاً عن نيته الالتقاء برئيس برلمان البلاد بعد غدٍ الإثنين لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وتساءل أردوغان «هل بإمكان الرئيس الدعوة إلى انتخابات مبكرة بحسب الدستور؟» مجيباً «نعم بإمكانه» رداً على التشكيك في دستورية قراره. ولم ينجح حزب «العدالة والتنمية» الحاكم حتى الآن في تشكيل حكومةٍ ائتلافيةٍ اضطر إلى التفاوض بشأنها بعد خسارته الأغلبية البرلمانية في الانتخابات الأخيرة. وتنتهي غداً الأحد المهلة الممنوحة لرئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، لتشكيل الائتلاف. وتشير تصريحات الرئيس إلى نيته استخدام صلاحيته في الدعوة إلى انتخابات عوضاً عن انتظار مصادقة البرلمان على قرارٍ مماثل، فيما تتهمه المعارضة بأنه لم يكن مشجِّعاً منذ البداية لتشكيل ائتلاف حكومي. ويرى الحزب الثاني في البلاد، الشعب الجمهوري، أن الرئاسة انتهكت الدستور لعدم تكليفها إياه بإجراء مشاورات تشكيل الحكومة بعد فشل «العدالة والتنمية» في هذه المهمة. وخلال تصريحاته أمس؛ أبدى أردوغان رفضاً للالتقاء بزعيم «الشعب الجمهوري»، كيليتشدار أوغلو. وتساءل «لماذا أدعو شخصاً لا يعرف بيشتبي؟» في إشارةٍ إلى رفض كيليتشدار زيارة القصر الرئاسي الواقع في منطقة بيشتبي بأنقرة. ويتزامن التحضير لانتخابات مبكرة مع وضع أمني متأزم بعدما أطلقت أنقرة «حرباً على الإرهاب» ضد المتمردين الأكراد ومسلحي «داعش» في آنٍ واحد. وقتلت القوات الحكومية 771 عنصراً من حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وشمال العراق خلال الأسابيع الأربعة الماضية. في المقابل؛ قُتِلَ حوالي 50 جندياً وشرطياً تركياً في هجماتٍ نُسِبَت إلى الحزب منذ 20 يوليو الفائت. وقال أردوغان في هذا الصدد «سنخرج منتصرين (…) ولن يذهب دم الشهداء سدى». وبحسب الدستور التركي؛ يُفترَض تشكيل ما يُعرَف ب «حكومة انتخابات» تتألف من كافة الأحزاب الممثلة في البرلمان لتقود البلاد إلى حين تنظيم اقتراع جديد. ويرفض حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية المشارَكة في حكومة وحدة تجمع كافة الأحزاب، ما يعني اضطرار «العدالة والتنمية» إلى التحالف مؤقتاً مع حزب الشعوب الديمقراطي المتهم بموالاة حزب العمال. وسيُحدِّد موعد الأول من نوفمبر المقترح ما إذا كان الحزب الحاكم سيستعيد الغالبية المطلقة، ويرى مراقبون في استراتيجيته مغامرة سياسية كبيرة. وبالتزامن؛ تأثرت العملة المحلية بالأجواء السياسية والأمنية، لتتخطى أمس الأول عتبة 3 ليرات للدولار الأمريكي للمرة الأولى. وتحسنت قيمتها قليلاً بعد ذلك، لتعود وتفقد أمس 0.45 % في سوق المبادلات التجارية مُسجِّلةً 2.92 مقابل الدولار. في غضون ذلك؛ كشف مصدر رسمي في أنقرة عن رغبة الحكومة التركية في تمديد تدخلها في العراقوسوريا لمدة سنة بموافقة البرلمان. وأفاد المصدر بأن «المذكرة التي أصدرها النواب العام الماضي ستنتهي في ال 2 من أكتوبر المقبل، لذا يهدف نص مشروع جديد إلى تمديدها سنة واحدة»، موضحاً أن «العملية جارية». وسيخضع النص للنقاش قبل موافقة البرلمان في موعدٍ لا يزال غير معروف. وكان النواب وافقوا العام الماضي على مذكرة للحزب الحاكم تنص على السماح للجيش بتنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي العراقية والسورية. ولم تستغل حكومة داود أوغلو الموافقة إلا الشهر الفائت مع تنفيذ متطرفين هجوماً قتل 33 شاباً كردياً في مدينة سروج «جنوبتركيا»؛ لتبدأ بعده عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد والمتشددين.