مسافةٌ هائلة تفصلنا عن فهم حقيقة الشراكة الحيوية بيننا وبين الكائنات الأخرى. ولا أظنّنا قاطعيها في حدود منظورنا البيئيّ القاصر. فهمنا المشروخ يقول إن الأرض لنا، والهواء لنا، والماء لنا، والغطاء النباتي لنا، وسائر الأحياء من حولنا إنما هي لنا. وعلى هذا الفهم الخطير؛ مارسنا حياتنا بأساليب همجية لم يكن يقبلها حتى أسلافنا البدائيون في الكهوف العتيقة. صنعنا الرّفاه لنسرق من كائنات أخرى أساسات وجودها الطبيعيّ. نشرنا برامج التنمية على ظهر الكوكب لندمّر حقوقاً أخرى لمخلوقاتٍ وضَع الخالق تدبيرها ونظام بقائها وتكاثرها. رتّبنا قواعد التطور والمدنية والحضارة مقلوبةً متداخلة، دون أن نشعر بأننا نمارس سلباً ونهباً في مضارب أنظمةٍ إلهية. تدخلنا في أنظمة التكاثر النباتية والحيوانية لنؤمّن غذاءنا وكماليات حياتنا. أعطينا أنفسنا حقّ التحكُّم في وجود ما يبيض وما يلد، وصمّمنا مشاريع لا تُنتج إلا مزيداً من المال لأفرادٍ قلة، وقنّنّا خطوط الإنتاج وقنوات الربح وعوائد الفوائد، لتكون نظاماً محاسبياً ماليّاً ظاهره الازدهار وباطنه التدمير. ما يحدث على ظهر كوكبنا الأخضر كله، وليس في منطقة بعينها، هو تحكُّمٌ عبثيٌّ في أنظمةِ حياةٍ أوجدها الخالق قبل وجودنا، لتكون أسساً حيّةً لوجود الأحياء. ومن نتائج ذلك؛ اختفاءُ أنواع حيّة من بيئاتها، وظهور بعضها في بيئات أخرى. وحين يختفي كائن حيٌّ من بيئته؛ فمعنى ذلك أننا فقدنا شريكاً مهمّاً له دورٌ حقيقي في نظام حياتنا.