كشف المبعوث الأمريكي لشؤون إقليم دارفور في السودان، دان سميث عن اتصالات أجراها مع الحركات الدارفورية غير الموقعة علي وثيقة الدوحة للسلام، مؤكدا أن الحوار مازال مستمراً لإلحاق الحركات الرافضة بركب السلام بإقليم دارفور. وعبر المبعوث الأمريكي لدى لقائه أمس الأول رئيس السلطة الإقليمية بدارفور الدكتور التيجاني السيسي عن رضاه التام عن الخطوات التي تمت على صعيد إنفاذ اتفاق الدوحة، وإنزاله لأرض الواقع، وأعلن عن نية الإدارة الأمريكية تقديم حزمة من المشروعات التنموية لدارفور، تشمل مشروعات لتطوير وتأهيل البنية التحتية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية لمواطني الإقليم، ويعد هذا الدعم الأول من نوعه الذي تقدمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لدارفور. من جانبه، أطلع السيسي المبعوث الأمريكي على مجمل الأوضاع في دارفور، والخطوات التي تمت على صعيد إنفاذ الاتفاقية، وأكد السيسي للمبعوث الأمريكي ما أسماه جدية حكومة الخرطوم في إنفاذ اتفاقية السلام، مشيرا إلى اتخاذ جميع الخطوات من قِبَل الحكومة لتنزيل الاتفاقية أرض الواقع، وذلك بإنشاء محكمة خاصة لجرائم الحرب في دارفور، وتعيين مدعٍ عام لهذه الجرائم، وتأسيس مفوضية قومية لحقوق الإنسان في الإقليم وتعيين الولاة. ولفت السيسي إلى التزام الحكومة السودانية باتفاقية الدوحة ودعمها للسلطة الإقليمية في دارفور، وذلك من خلال رصدها للأموال اللازمة لتسيير السلطة في الإقليم. في سياق متصل، شدد كبير المفاوضين بحركة التحرير والعدالة الدارفورية ووزير إعادة الإعمار في دارفور تاج الدين نيام، في تصريحاتٍ ل»الشرق»، على التزام الحركة الدارفورية التام بإنفاذ بند الترتيبات الأمنية، وأضاف: «سنمضي قدما في تنفيذها، ولن نستخدم السلاح للضغط على الحكومة حال عدم التزامها بالاتفاق، بل سنلجأ لوسائل مدنية للضغط، من بينها اللجوء للمجتمع الدولي الذي كان شاهدا على توقيع وثيقة الدوحة». من جهته، قال وزير شؤون السلطة الإقليمية في دارفور محمد يوسف التليب، في تصريحات ل «الشرق» إن هناك رضاءً تاما عما تم حتى الآن في مسار إنفاذ الاتفاق، واعتبر أن ذلك يظهر بصورة واضحة من خلال تشكيل الحكومة للسلطة الإقليمية، وتعيين ولاة دارفور الجدد، بجانب تعيين وزراء الدولة من أبناء الإقليم. وتابع: «بند تقاسم السلطة تم إنفاذه بنسبة تجاوزت ال 95 %، متبقي فقط مشاركة الحركة علي مستوي الولايات، وهذا سيتم نهاية الشهر الجاري، كما أن تدشين السلطة الإقليمية رسميا قد تم، والآن السلطة عقدت اجتماعها في 6 فبراير، ويعد الاجتماع الأول للسلطة في دارفور والثاني لها منذ تشكيله، وأقر الاجتماع آلية مراقبة إنفاذ اتفاق الدوحة، الذي عقد في الفاشر، بالتحسن الذي طرأ في الأمن بعد تسلم السلطة الانتقالية لزمام الأمر». واتخذت الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ بداية الصراع الدارفوري موقفاً ضد الحكومة السودانية، وتمثلت هذه المواقف في جملة الإدانات والعقوبات في هذا الشأن، وسخرت أمريكا إمكانيات ضخمة لتدويل قضية دارفور وإبرازها على جدول أعمال الأممالمتحدة وإعطائها مساحات واسعة خلال فترة قليلة، وأصبح الصراع الدارفوري معروفا لدى العديد من دول العالم على أنه صراع عرقي وإبادة جماعية، وهي نفس الرؤية الأمريكية التي دفعت بقوة تجاه إحالة ملف دارفور للمحكمة الجنائية الدولية. وبعد هذه المواقف جاء اعتراف واشنطن بتحسن الأوضاع الأمنية بدارفور وإقرارها بذلك مؤخراً على لسان مبعوثها الخاص ومستشار الإدارة الأمريكية لشؤون الإقليم دان سميث، الذي يزور ولايات دارفور حالياً على رأس وفد رفيع يضم مسؤولة المعونة الأمريكية كريستينا بازلو، حيث أشاد سميث بالأمن والاستقرار الذين لمسهما هذه المرة خلال زيارته لولاية جنوب دارفور، مطالباً بالحفاظ على هذا المستوى بما يساعد على تنفيذ البرامج والمشروعات. ودعا جميع أطراف النزاع بدارفور الى إبداء حسن النية والمرونة في المفاوضات للإسهام في جذب الآخرين للعملية السلمية خاصة، مشيرا الى رغبة المجتمع الدولي في انضمام كافة الأطراف لسلام الدوحة. بدورها، أبدت مسؤولة المعونة الأمريكية بازلو رغبتها في التحول من مرحلة المساعدات الإنسانية إلى دعم مشاريع التنمية والإعمار في ظل حالة الاستقرار الأمني التي تشهدها الولاية. وكانت العاصمة القطرية الدوحة شهدت في يوليو 2011 توقيع اتفاقية سلام دارفور بين حكومة الخرطوم وحركة التحرير والعدالة الدارفورية.