اتهمت منظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (يونسكو) مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي بنهب المواقع الأثرية في العراقوسوريا وبيع محتوياتها إلى وسطاء لجمع الأموال. وكشفت مديرة المنظمة، البلغارية إيرينا بوكوفا، أمام اجتماع لخبراء في لندن عن سيطرة «داعش» على خُمس المواقع الأثرية في العراق من إجمالي عشرة آلاف موقع أثري معروفة على مستوى العالم، وتحدثت عن «نهبٍ بشكل كبير لهذه المواقع»، مبديةً تخوفها مما قد يحدث في المواقع الأخرى. وبالنسبة لسوريا؛ أقرّت بوكوفا بنهب عددٍ من المواقع الأثرية فيها إلى حد أنها لم تعد ذات قيمة لعلماء الآثار أو المؤرخين، معبرةً عن قلق منظمتها المتزايد حيال ما قد يجري في ليبيا. وتضم المناطق، التي سيطر عليها المتطرفون في العراقوسوريا بعضاً من أغنى المواقع الأثرية على وجه الأرض. ويتعلق الأمر بالإمبراطوريات الآشورية القديمة وتعايش أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية لقرون طويلة. ونشر المقاتلون المتشددون، الذين يعتبرون المعابد والآثار تجسيداً للوثنية، تسجيلات مصورة لهم وهم يدمرون مواقع أثرية. وتحدثت بوكوفا في كلمتها أمام معهد «رويال يونايتد سرفيسز» في لندن، عن وصول «التدمير المتعمد الذي نراه حالياً في العراقوسوريا إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ المعاصر». وأكدت استمرار «التدمير المتعمد»، وتابعت «ليس هذا فحسب بل يجري بشكل ممنهج نهب المواقع الأثرية والمتاحف وعلى الأخص في العراق»، منددةً بما سمّته ب»التطهير الثقافي الذي يهدف إلى تدمير الجذور المشتركة للإنسانية كما يعد وسيلة تمويل للمسلحين، الذين يكلفون المزارعين المحليين بالتنقيب عن الآثار واستخراجها ثم يقومون بتهريبها لتصل في النهاية إلى أيدي جامعي التحف في أنحاء العالم». في غضون ذلك؛ دمرَّ مقاتلو «داعش» تمثالاً أثرياً ضخماً ومعروفاً كان موجوداً في حديقة متحف مدينة تدمر (وسط سوريا)، بحسب ما أفاد مدير الآثار والمتاحف السورية مأمون عبدالكريم. وأبلغ عبدالكريم أمس عن «تدمير تنظيم الدولة الإرهابي تمثال أسد اللات، وهو قطعة فريدة بارتفاع أكثر من ثلاثة أمتار وبزنة 15 طناً» واصفاً ما حدث ب «الجريمة الأكبر في حق آثار تدمر». والتمثال من الحجر الكلسي الطري، وعُثِرَ عليه في عام 1977 وتم ترميمه وعرضه في المتحف، علماً بأنه يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد. وشرح عبدالكريم أن مسؤولي الآثار غطّوا التمثال بلوحة حديدية ووضعوا حوله أكياساً من الرمل لحمايته من القصف و»لم نكن نتصور أن تنظيم الدولة الإرهابي سيحتل المدينة ويدمره». وفي حادثة أخرى؛ نشر ما يُسمَّى «المكتب الإعلامي لولاية حلب» التابع ل «داعش» بياناً على منتديات جهادية يفيد بأن «الحواجز المنتشرة في الولاية تمكنت من ضبط شخص ومعه مجموعة من التماثيل المهربة من مدينة تدمر، ثم تم نقله إلى المحكمة الإسلامية في مدينة منبج، حيث أصدرت حكماً يقضي بتعزير المهرب وتحطيم التماثيل». ووفقاً لعبدالكريم؛ فإن القطع التي تم تدميرها عبارة عن ثمانية تماثيل سُرِقَت من مدافن أثرية، لافتاً إلى تصاعد وتيرة سرقة الآثار في سوريا مع تطور النزاع العسكري.