لاحظت كثيراً ممن هم حولي من يفقدون ذلك الذي يسمى «الأمل» أو بالأصح لا يؤمنون بوجوده، فأصبحت حياتهم عبارة عن قنوط، يأس، ابتئاس، خيبة، سأم، ضجر، نعم هذه هي حياتهم. لا أريد أن أتحدث في هذا المقال عن حياتهم البائسة لكي لا أثقل عليهم ولكي لا أتألم عشرات المرات لحالهم، إنما أريد أو بالأصح قلمي يريد الحديث عن ذلك المدعو «الأمل» أو«الإيجابية». لا أبالغ عندما أقول لكم إني أشعر بسعادة تغمرني بمجرد رؤيتي هاتين الكلمتين، فهما اللتان تمدانني بالقوة وتفعمانني بالحياة، فثمار هذه السعادة تظهر على من هم حولي قبل نفسي. قالت لي صديقة ذات مرة لم نعد أنا واليأس صديقين، أريد أن أتغير وبشدة، قلت لها: جيد، ابدئي الآن، أخذتْ نفساً عميقاً وأردفت قائلة: ولكن صديقاتي لن يتركنني وشأني فهن دائماً ما يقللن من عزيمتي ويقلن لي لا ترهقي نفسك وتحمليها فوق ما تستطيع لأنك لن تتغيري وستظلين بائسة ويائسة لأنك خُلقتِ هكذا! قلت لها: مهلاً اسمعي مني، إذا أردتِ أن تتغيري حقاً فابتعدي عنهن، فهذه الصحبة ليست صحبة خير وهن لا يردن لكِ الخير، مهما كانت علاقتك قوية بصديقة لكِ وكانت هذه الصديقة بائسة لا يوجد بداخلها ذرة أمل فلتبتعدي عنها فوراً ولا تنتظري لكي لا تصيبك هذه العدوى فتقعدي ملومةً مدحورة، هل سألتم أنفسكم عما إذا كان أحد أصدقائكم مصاباً بهذا المرض؟ إذا وُجِد ولم تستطع إخراجه من دائرة القنوط هذه فابتعد عنه. أعلم بأن هناك مَن سيقول: من هي هذه الفتاة التي لا تزال في ريعان شبابها التي لا تفقه من تجارب الحياة شيئاً لكي تعطينا نصائح ودروساً فيها! ولكن سأكمل ما بدأت به وأقول: يا من أصبحت حياته بائسة ليس لها من اسمها نصيب، أعلم أنك تقرأ ما كتبته فقم الآن وانهض ولا تسوِّف. لا تدع هؤلاء الأصدقاء يديرونك ولا تدعهم ينالون ما يطمحون إليه وهو فشلك وقنوطك، بل ابدأ وغيِّر هذه العادات السيئة، اخلع قناع الشخص اليائس واستبدله بقناع الأمل والإيجابية. كن إيجابياً لنفسك أولاً ولمن حولك ثانياً، ومهما فشلت في المرة الأولى والثانية أو حتى الثالثة فلا تقنط واستشعر ما يقوله الكريم في هذه الآية الكريمة «إِنَّهُ لَا يَيْأسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ»، ويقول عز وجل: «قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّه إِلَّا الضَّالُّونَ»، فهل تحب أن يصفك الله بهذه الصفات؟ ومن منا يحب ذلك، إذاً لماذا هذا القنوط ولدينا رب كريم عظيم قادر على أن يقول لجميع ما نتمناه: كن فيكون، لو جميعنا آمنَّا بقدرة الله وقوته لتحققت جميع أحلامنا وآمالنا، ثق بربك فهو الذي يقول «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء»، فظنوا بالله خيراً يرزقكم ما تطمحون إليه وأكثر.