تشتكي مجموعة من الوافدات من جنسيات مختلفة، من صعوبة تعودهن على تحدث اللغة العربية الفصحى، حيث يتحدث كل العرب باللهجة العامية، ما جعلهن يضطررن إلى تعلم العامية، ليسهل التواصل الاجتماعي بينهن وبين الناس، ويأتي ذلك مع الاحتفال أمس بيوم اللغة العربية. وأوضحت معلمة معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها نجلاء محمد، أن جنسيات طالبات المعهد تتنوع ما بين إسبانية وماليزية وهولندية وتركية، وتتراوح أعمارهن ما بين 25 و45 عاماً، مشيرة إلى الصعوبة التي تواجهها في التدريس، وتقول: “تكمن الإشكالية في تعلم أساسيات اللغة العربية، وشكوى جميع الطالبات من استخدام اللهجة العامية في الدول العربية، لذا يطالبننا بتعلم اللهجة العامية دون الفصحى كي يتسنى لهن التحدث مع المحيطين”. وأضافت المعلمة: “أضطر إلى شرح الكلمة بثلاث لغات، أولها الإنجليزية ثم العربية الفصحى والعامية، إلا أنهن يحرصن على حفظ العامية أكثر، ويتساءلن عن تحدث الإعلام من تليفزيون وصحافة بالعامية دون الفصحى”، مبينة مدى استعدادهن النفسي في تقبل وتعلم اللغة رغم تفاوت مدة إقامتهن في السعودية، مشيرة إلى سيدة تركية مقيمة لمدة خمسة شهور فقط، حيث حرصت على تعلم اللغة العربية، مبينة حرصهن على تعلم أي واجبات منزلية وسرعتهن في الاستجابة، وتوضح: “أعجبني ردهن على سؤالي عن حرصهن على التعلم، إذ أجبنني بتفضيلهن تعلم لغة المملكة قبل مغادرتها وإن كانت المدة قصيرة”. وأشارت نجلاء إلى أكثر الجنسيات صعوبة في تعلم اللغة العربية، حصرتها في الجنسية الإسبانية والمكسيكية، رغم الجهد المبذول في تعلمهن، مشيرة إلى أن الماليزيات والآسيويات هن أبسط شريحة في تعلمهن للغة العربية، وأضافت: “نحن بحاجة لتركيز الإعلام على أهمية اللغة العربية وتحبيب الناس لها، وتكون لغة مبسطة بيننا وبين الوافدين خاصة أنهم حريصون على تعلمها، فنعاني من انعدام الهوية والثقافة المشتركة”، متمنية نشر الوعي في الحاجة إلى تعلم اللغة العربية تماماً كتعلم الإنجليزية. سائقون وعاملات وتقول الأكاديمية الباحثة في الإعجاز البياني للقرآن الكريم الدكتورة خديجة الصبان: “ينبغي أنْ ينظر إلى فئات الراغبين بتعلم اللغة العربية والأهداف التي يسعون إلى تحقيقها من وراء تعلُّمهم، فمنهم فئة العمالة، من سائقين وعاملات منزليات، ومنهم فئة القادمين للدراسة التخصصية، لدراسة العلوم الإسلامية، وفئة من المقيمين العاملين في وظائف بالجهات المختلفة، وبناء على تعدد تلك الفئات تتعدد الأغراض من تعلّم العربية، فمنها ما كان لتعلم المحادثة، ومنها التعلم بقصد الاتصال بالتراث العلمي الإسلامي والعربي، وتوضح “أن العمالة والمقيمين العاملين في وظائف بالجهات المختلفة، يكفيهم تلقي ما يحتاجونه من العربية لغرض تحقيق القدرة على التواصل، في أماكن وظائفهم أو غيرها، بشرط تجنب تكسير النطق الذي كثيرا ما نلجأ إليه في الحديث معهم، ظانِّين أنّه يسهل عليهم اكتساب اللغة، وهو ظنٌّ غير صحيح، فتكسير النطق يؤدي إلى توليد مستوى مشوَّه من العربية المنطوقة، لا يلبث أنْ يؤثر على طرائق نطق الأطفال للغتهم الأم، إضافة إلى تجنب التحدث باللغة الإنجليزية مع من يتحدثونها منهم. ونوهت الصبان إلى فئة الراغبين في تعلم اللغة العربية بغرض الدراسة الأكاديمية التخصصية، وتبين “نجد بعض الجامعات قد أنشأت معاهد لتعليم العربية لغير الناطقين بها، ويقوم بالتدريس فيها أساتذة متخصصون في هذا المجال، وإعداد مقررات لغرض (تعليم القراءة والكتابة بالعربية لغير الناطقين)، فتقف صعوبة أو سهولة تعلم العربية على المقررات، وعلى كفاءة الأساتذة ومدى حرصهم على تحقيق أقصى فائدة للملتحقين بالمعاهد. وأضافت الصبان “مشكلة العربية ليست مع غير الناطقين بها، بل مع الناطقين بها من أبنائها، فتكمن المشكلة في المعلمين والمعلمات، حيث لم يُعَدوا الإعداد الذي يؤهلهم للقيام بمهمة تعليم اللغة على الوجه الصحيح، ولم يتداركوا أوجه الخلل والقصور بتطوير أنفسهم.