دشَّن فرع جمعية الثقافة والفنون في الدمام، مساء أمس الأول في مقره، «بيت السرد» التابع له، بإقامة أمسية «كتاب وناقد»، استضاف فيها الناقد محمد الحرز، للحديث عن رواية «أقدار البلدة الطيبة» للروائي عبدالله الوصالي، وأدارها الناقد عيد الناصر. وقال المشرف على «بيت السرد»، الناقد الدكتور مبارك الخالدي: بالسرد نصنع هويتنا الفردية والجمعية، وبه نحميها، من الذوبان في هويات أخرى، لا هوية دون السرد ولا هوية خارجه، مضيفاً أن الاحتفاء ب «بيت السرد» يأتي ليكون لنا ملتقى وملاذاً نلوذ به، احتماء من قلق وسام العزلة والرتابة، وسعياً للذة التواصل والتثاقف المحفزين على العطاء. وكان فرع الجمعية قد دشَّن قبل أشهر «بيت الشعر»، لتقديم فعاليات نوعية يتلاقى فيها الشعر مع بقية الفنون في بيت واحد، ليأتي بعد ذلك تدشين «بيت السرد» ليكون رافداً جديداً من روافد فرع الجمعية يلتقي فيه السرد مع الفنون الأخرى. من جانبه، شدَّد الحرز في حديثه عن رواية «أقدار البلدة الطيبة»، على أنها تقدم شكلاً سردياً قائماً على استدعاء التاريخ الشفوي من منظور راو عليم تارة، وبطل الرواية «سمير» تارة أخرى، في تناوب يجدل أحداث الرواية من أولها إلى آخرها. وأوضح أن استدعاء التاريخ فيها بني على حكاية تجري على ألسنة الناس، حيث كيان اسمه «العثمانية»، هو المكان الذي تؤرِّخ له الحكاية، وتعطيه شكلاً تأسيسياً ينهض عليه، لا باعتبار المكان المرتبط بوثائق المؤرخ المحترف وبمنطقه وعقلانيته، وإنما بالاعتبار الذي يوليه الروائي للمخيلة وبمنطقها السردي، لذلك تتضافر جهتان في بناء المتخيل السردي للمكان في الرواية، الأولى حكاية التأسيس نفسها، والجهة الأخرى تستدعيها الحقائق الجغرافية والتاريخية المرتبطة بالمكان، من أحداث ووقائع وتواريخ. وأشار الحرز إلى أن دلالات «النخلة والنفط» ركائز أساسية في بناء المتخيل السردي التي تأتي من جهة التاريخ، لكنها لا تستحوذ عليه بالتفاصيل، بل تأتي على شكل حكايات، متداولة بين الناس، لا تنفك تختلط بأحلامهم وعلاقاتهم اليومية وقيمهم المتوارثة، وهنا منبع المخيلة التي تلتقي في المنتصف من السرد مع تلك الدلالات، حسب قوله. وفي مداخلة له، قال القاص المصري عادل جاد، إن هذه الرواية ذات بنية تقليدية من ناحية البناء، من بداية وأحداث متصاعدة، وصولاً للحظة تنوير، ثم النهاية، وتميزت بانسجام كامل وتماسك عضوي إذ يتحكم الكاتب في كافة عناصر العمل، دون افتعال، وأن الأحداث كلها سردية ولم يتم استعمال الحوار إلا في مواضع محددة وكانت قصيرة جداً، بعضها بالعامية وأخرى بالفصحى، وكانت ملائمة للحدث وطبيعة الشخصية. وأردف قائلاً: تبدأ اللغة لدى الوصالي تراثية ذات طابع صوفي تتسق مع شخصية الشيخ القائم، وفيها كثير من الأدعية والاستعانة بالله والاتكال عليه. وأشاد جاد بالحيل الروائية في عديد من المواضع في الرواية، منوهاً إلى أن الزمن في الرواية غير مصرح به بشكل مباشر، ولكنه مرتبط بأحداث تاريخية، عاداً الرواية من أجمل الروايات السعودية في السنوات الأخيرة. وفي ختام الأمسية، أوضح المشرف على «بيت السرد»، أن الموعد المقبل هو 20 مايو الحالي مع الدكتور حسن النعمي في محاضرة عن «الرواية والسينما»، كما تعقد ورشة في 13 يونيو المقبل لمناقشة رواية أحمد سعداوي «فرانكشتاين في بغداد» الفائزة بجائزة البوكر العربية عام 2014م.