مليون ريال مكافأة لمن يساعد في القبض على شريك القاتل الهارب نواف سمير العنزي. التنظيمات الإرهابية عمدت إلى تجنيد «جيوش الأطفال» لاستخدامهم كقطع انتحارية. ألقت الجهات الأمنية القبض على المواطن يزيد بن محمد عبدالرحمن أبو نيان «23 عاماً» أحد المشتبه في تورطهم في إطلاق النار على دورية أمنية شرق مدينة الرياض مما أدى إلى استشهاد الجندي أول ثامر عمران المطيري والجندي أول عبدالمحسن خلف المطيري، كما جاء في بيان لوزارة الداخلية في 19 جمادى الآخرة الماضي. فيما أعلنت الوزارة عن مكافأة قدرها مليون ريال لمن يدلي بأي معلومات تؤدي للقبض على شريك أبو نيان في الجريمة، ويدعى نواف بن شريف سمير العنزي. وبحسب المتحدث الأمني، فقد جرى القبض على أبو نيان بعد مداهمة مكان اختبائه في مزرعة بمركز العويند في محافظة حريملاء، وقد أسفر التحقيق معه وبعد مواجهته بما توفر ضده من قرائن، عن اعترافه بإطلاق النار على الدورية وقتلِ قائدها وزميله -رحمهما الله تعالى- امتثالاً لتعليمات تلقاها من عناصر تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، وُجِّهَ فيها بالبقاء في الداخل، للاستفادة من خبراته في استخدام الأسلحة، وصناعة العبوات الناسفة والتفخيخ، وصناعة كواتم الصوت، في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية. ووفقاً للاعتراف، فقد قابل في يوم الإثنين 17 جمادى الآخرة الماضي، وبتنسيق من عناصر التنظيم في سوريا، شخصاً يتحدث بلهجة مغاربية ويدعى برجس، ولا يَعرف عنه شيئاً آخر، في أحد المواقع شرق مدينة الرياض. وخلال لقائهما تواصلا مع تلك العناصر، وتم إبلاغهما بطبيعة العملية المطلوب تنفيذها، وحددوا لكل واحد منهما دوره فيها، حيث كُلِّف هو بإطلاق النار، فيما كُلّف شريكه «برجس» بقيادة السيارة والتصوير عند التنفيذ، كما أمَّنوا لهما السلاح والذخيرة وعشرة آلاف ريال سعودي عبر طرف ثالث لم يقابلاه «على حد زعمه»، وأذنوا لهما ببدء تنفيذ العملية. من جهتها، استطاعت الأجهزة الأمنية تحديد هوية الشريك الهارب «برجس»، حيث تبين أنه المواطن نواف بن شريف بن سمير العنزي، وهو من المطلوبين في قضايا حقوقية وجنائية، وقد اتخذ اسماً مستعاراً ولهجة مغاربية إمعاناً في التضليل. ودعت الوزارة العنزي إلى تسليم نفسه، كما أهابت بكافة المواطنين والمقيمين ممن تتوفر لديهم أي معلومات عنه، الاتصال فوراً على الهاتف رقم (990) والإبلاغ عنه، وقد تم تخصيص مكافأة مالية قدرها مليون ريال لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه، وحذرت في الوقت نفسه كل من يتعامل معه أو يقدم له أي نوع من المساعدة أو يخفي معلومات تدل عليه، بأنه سوف يتحمل المسؤولية الجنائية كاملةً فضلاً عن المسؤولية الدينية «لَعَن الله من آوى محدثاً». وقال اللواء منصور التركي خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عُقد أمس في مقر نادي الضباط بالرياض، إنه تم القبض على المتهم أبو نيان في مزرعة كان يختبئ فيها في مركز العويند بمحافظة حريملاء، «40 كلم غرب محافظة ضرما»، وأقرَّ خلال التحقيق بإطلاقه النار على رجلَي الدورية وقتلهما، كما أقر بأنه تلقى الأوامر في ذلك من عناصر تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، مبيناً أنه التقى مع شريكه في ارتكاب هذه الجريمة من خلال تنسيق وترتيب قام به عناصر تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، حيث التقى به قبل حوالي يومين من ارتكابهما الجريمة، وتولَّى هو إطلاق النار في حين تولى الآخر قيادة السيارة وتصوير الجريمة لإرسالها للتنظيم الإرهابي. وحذر اللواء التركي بأن كل من يساند المطلوب العنزي، أو يسهل له تحركه أو يخفي أي معلومات عنه سيكون عرضةً للمساءلة النظامية. من جانبه، سلَّط مدير الأدلة الجنائية في شرطة الرياض إبراهيم العوس، الضوء على ما تم ضبطه في مسرح الجريمة، وما تم ضبطه في المزرعة التي كان يختبئ فيها المقبوض عليه وفي منزله، مستعرضاً بعض الصور لهذه المضبوطات، التي تضمنت كذلك بعض المنشورات التي يبايع فيها المتهم قيادياً في تنظيم داعش الإرهابي. وفي ذات السياق، قدَّم العميد بسام عطية، شرحاً لما ثبت لدى الجهات الأمنية من خلال التحقيقات التي أجرتها، ومن خلال المضبوطات التي تم التوصل إليها، وطبيعة العلاقة بين المتهم وعناصر التنظيم الإرهابي في سوريا، ودور تلك العناصر في ارتكاب هذه الجريمة، مشيراً إلى أن المتهم يزيد أبو نيان «23 عاماً»، تأثّر بهذا التشكيل الإرهابي والفكر التكفيري المنحرف ضد الدولة ورجال الأمن، من خلال تواصله مع تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأصلت لديه الرغبة الملحة في الخروج إلى سوريا، لتتلقفه الجماعات الإرهابية عبر هذه الوسائل، وتوجهه للبقاء في مكانه وممارسة أعماله الإرهابية ضد رجال الأمن، مؤكداً أن ذلك الإجراء يبيِّن كيفية عمل هذه التنظيمات الإرهابية وفلسفتها في استهداف أمن وسلامة المملكة ومواطنيها. وأوضح أن المتهم الثاني في القضية، نواف العنزي، «29 عاماً» عمل في القطاع العسكري، وكان يحمل أفكاراً تكفيرية ضد الدولة ورجال الأمن، وهو مطلوب للجهات الأمنية في عدة قضايا حقوقية، وكان سافر لمناطق الصراع في سوريا، وعمد بمساعدة أعضاء في تنظيم داعش الإرهابي لترحيل الصراع إلى داخل المملكة، لإشغال قوات الأمن السعودية بالأمن الداخلي، عبر حرب نفسية أقرب ما تكون لحرب الشوارع، مؤكداً أن مثل هذه العمليات ليست بجديدة على قوات الأمن، التي تعي تماماً مسؤوليتها تجاه أفرادها ومواطنيها. وأكد أن هذه التنظيمات الإرهابية، عمدت إلى استخدام المتعاطفين معها من صغار السن، وقامت بتجنيدهم لأعمالها الإرهابية، عبر ما يمكن أن يسمى ب «جيوش الأطفال»، لتحصل بالتالي على مكاسب إعلامية تسوِّق لها الجماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكسب هؤلاء المتعاطفين الذين تضعهم أمام خيار الموت فقط، لتستخدمهم كقطع انتحارية يتم حرقها وإتلافها في نهاية العملية الإرهابية. كما أبان العميد عطية، أن الجماعات الإرهابية، سعت من خلال هذه العملية والعمليات السابقة، لاستهداف رجال الأمن، وإحداث الفتن الطائفية، ويتلخص ذلك في الأهداف التي سعى إليها المتهمان في هذه القضية، حيث حاولا اغتيال أحد القادة العسكريين في منطقة قرب حريملاء، وعند فشل المهمة، تلقى المتهمان تعليمات من أحد قياديي «داعش» بتحويل المهمة لاقتحام أحد المراكز الأمنية، وفشلت مهمتهما، ليتم توجيههما إلى استهداف واغتيال رجال الأمن في الرياض. وأوضح أنه بعد القبض على أبو نيان، واعترافه بما ارتكبه، وجمع الأدلة ومطابقتها، تم الكشف عن هوية المتهم الثاني نواف العنزي، وقامت قوات الأمن بوضع خطة أمنية للقبض عليه، ولا تزال هذه الخطة مستمرة حتى الآن، حيث كشفت التحريات وجود ثلاثة وسطاء، لأعمال التجنيد، والعمليات، وتأمين السلاح، مشيراً إلى أن هذه العملية الإرهابية التي تم تنفيذها في فترة قصيرة، يقف خلفها كثير من الوسطاء وأعمال التخطيط، التي تدار من الخارج. وأشار، إلى أن الهدف من عرض كل هذه الحقائق والمعلومات في هذا المؤتمر، هو توضيح مدى الاستهداف الذي تتعرض له المملكة من عناصر التنظيمات الإرهابية، مستذكراً ما قاله ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حول هذا التنظيم، بأنه ليس إلا واجهةً لدول وتنظيمات تستهدف المملكة عن بعد، وتحاول استغلال أبناء الوطن، وتحفيزهم ليكونوا أدوات تستخدم من التنظيم الإرهابي لتنفيذ مثل هذه الأعمال الإرهابية. عقب ذلك، أجاب المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، على أسئلة الصحفيين، حول استخدام تنظيم داعش الإرهابي الشباب الصغار وكيفية تعامل قوات الأمن مع هذه القضية، قائلاً: «إن الجهات الأمنية من خلال تعاملها مع عدد من الجرائم المماثلة، توصلت إلى معرفة هذا الأسلوب الذي يتبعه التنظيم، حيث سبق أن تعرض مقيم دنماركي لإطلاق نار قبل شهرين أو أكثر، وكذلك تعرضت دوريات لإطلاق نار في غرب الرياض، وكلها كانت جرائم مشابهة على نفس السياق، والجهات الأمنية بعون الله تعالى بخبراتها وتجاربها ستتمكن بإذن الله من أداء واجباتها للمحافظة على الأمن والاستقرار وحماية المواطنين والمقيمين ورجال الأمن وكل من تستهدفه هذه الجماعات الإرهابية، ولكن بلا شك دورنا لا يكتمل إلا بما يؤديه رجل الأمن الأول وهو المواطن، ومن ثم المقيم في المملكة». كما أبان أن السيارات التي ضبطت في المزرعة، لا تزال تحت التدقيق، وقد تكون على ارتباط بالمقبوض عليه، مشيراً إلى أن المتهم كان يحاول الاستفادة من هذه السيارات بتشريكها واستخدامها في أعمال أخرى، مؤكداً سير عمليات التحقيق في هذا الشأن، التي ستكشف في نهاية المطاف بقية الحقائق حول هذه القضية. وحول حجم عمليات تنظيم داعش الإرهابي في المملكة، أجاب اللواء التركي، إن هذه العملية تعدُّ الخامسة التي يقف تنظيم داعش الإرهابي خلفها، حيث نفّذ التنظيم جريمة إرهابية في قرية تابعة لمحافظة الأحساء، وتم القبض على جميع المتورطين في تلك الجريمة، وعددهم 88 شخصاً، إضافة لاعتداء إرهابي على مركز سويف الحدودي شمال المملكة، واستهداف مقيم دنماركي في طريق الخرج بمدينة الرياض، وتم القبض على ثلاثة مواطنين سعوديين تورطوا في ارتكاب تلك الجريمة، وجاءت الجريمة الرابعة بإطلاق نار على دورية أمن غرب مدينة الرياض، وتم القبض على مرتكبها أثناء محاولته التسلل عبر الحدود الجنوبية إلى اليمن، فيما نفّذ التنظيم الإرهابي عمليته الخامسة والأخيرة باستهداف دورية أمن في شرق الرياض، ونتج عنها استشهاد رجلي أمن. وحول ما تم الإعلان عنه الثلاثاء الماضي من وجود معلومات تفيد باحتمال محاولة استهداف منشأة نفطية تابعة لأرامكو أو مراكز تجارية، قال إن هذه القضية انتهت، مشيراً إلى أن الجهات الأمنية قامت بتكثيف جهودها في هذا الشأن، انطلاقاً من مسؤوليتها في محاولة منع الجريمة قبل وقوعها، وجمع المعلومات وتحليلها ومحاولة استباق مخططات الجماعات الإرهابية وإحباطها، مبيناً أن المعلومات التي وردت إلى الجهات الأمنية، لم تكن محددة في توقيتها أو في الموقع المستهدف، أو طبيعة العمل الإرهابي ونوعه، ولكن الجهات الأمنية بادرت باتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة حيال هذه المعلومات. وحول الأساليب التي يستخدمها تنظيم داعش في تنفيذ جرائمه، أبان اللواء التركي، أن الجماعات الإرهابية تسعى دائماً لاتباع أساليب جديدة في تنفيذ عملياتها، بعد أن لمست إخفاقاتها المتكررة في النيل من أمن واستقرار المملكة، وذلك ما دعاهم إلى تغيير أساليبهم، ففي هذه القضية تُرك المتهم وحده في نهاية العملية وهو لا يعرف أيَّ معلومات عن الأشخاص الذين تعامل معهم، مبيناً أن الوزارة ستصدر بياناً إلحاقياً خلال أيام توضح فيه كثيراً من التفاصيل ذات العلاقة ببعض الوقائع الأمنية التي تعامل معها رجال الأمن. وفيما يختص بالرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، قال اللواء التركي: إن الجماعات الإرهابية أساءت استخدام هذه المواقع، ولكن لا يمكن أن يُحرم الناس من هذه المواقع وما تقدمه من خدمات، لمجرَّد أن فئة ضالة أساءت استغلالها، ولكن ينبغي أن يعي كلٌّ منَّا مسؤولياته التربوية فيما يختص بأبنائه وأهله، لحمايتهم من مثل هذه الأفكار الضالة، وتقديم النصيحة لهم والتدخل في الوقت المناسب، وتلك مسؤولية اجتماعية على كل فرد، مشيراً إلى «أن هذه المواقع تخضع لرقابة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، التي تستطيع معرفة هويّة مستخدم هذه المواقع، عبر الضوابط التي تملكها الهيئة، الكفيلة بحماية هذا الفضاء من سوء الاستغلال. وأكد اللواء التركي في إجابته على سؤال عن ضرورة تعجيل تنفيذ الأحكام في المقبوض عليهم في قضايا إرهابية، أن مهمة الجهات الأمنية هي ضبط من يرتكب تلك الجرائم، بعد الوصول إلى الأدلة الكافية التي تثبت تورُّط المقبوض عليهم في هذه الجرائم، ومن ثم يتم تقديمهم إلى الجهات القضائية لتصدر هي أحكامها عليهم.