اليوم يصوت مجلس الشورى على توصية أعدتها لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، موجهة إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب نصّها: (مطالبة الرئاسة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة ظاهرة التعصب الرياضي). أظن أن مجلس الشورى وجّه المطالبة للجهة غير المعنية. نعم، على رئاسة الشباب جزء من مسؤولية معالجة ظاهرة التعصب، لكن الجزء الأكبر والأهم يقع على عاتق وزارة الثقافة والإعلام، بحكم أن الإعلام الرياضي هو وقود التعصب الأول، إذ لم تنجح الوزارة حتى الآن في إنجاز أي مشروع واضح ومتكامل في هذا الاتجاه. ما نلمسه اليوم من جهود للوزارة في هذا الجانب، لا يتعدى ردة الفعل تجاه قضية ما أثارت ضجيجاً إعلامياً واجتماعياً، تحاول من خلالها علاج النتائج وحسب! لكن هل بحثت في الأسباب؟ هل اتخذت إجراءات وقائية؟ هل لديها رؤية مستقبلية لتطوير الإعلام الرياضي؟ هل أطّرت عناصر هذا الإعلام مهنياً وأخلاقياً قبل إخضاع مخرجاته للقانون؟! أظن أن كل الإجابات ب»لا»، على الأقل فيما يبدو لمتابع المشهد من الخارج! التعصب الرياضي صناعة إعلامية بامتياز، وهو يُتخذ إما غاية في حد ذاته لقصر وعي القائمين على الإعلام، أو وسيلة للتكسب من خلال تسويق بضاعة تلك الصحيفة أو هذه القناة، وهذه ممارسات لم يكن لها لتكون لو كان لدى وزارة الثقافة والإعلام قوانين صارمة، ومعايير حاسمة لأخلاقيات المهنة، تجوّد عناصر العملية الإعلامية. الخطورة الكامنة هنا أن التعصب الذي ينتجه الإعلام الرياضي تستهلكه عقول طرية، كثير منها يتقولب لا إرادياً في قالب فكري يرافقها على الدوام، حتى وإن غادرت مدرجات التشجيع، إلا أنها ستجد صعوبة في التحرر من القالب، فمهما كبر «المشجع» إلا أن تعرضه لهذا التأثير في مرحلة التنشئة يجعل عقله الباطن يحتفظ بكثير من مناهج التفكير، وطرق التصنيف، وأدوات التحليل، التي علمها إياه الإعلام الرياضي في الصغر، وهنا لا يرى الآخر المختلف عنه في أي شأن، إلا كما كان يرى نظيره مشجع النادي المنافس، عبر النظارة التي ألبسها إياه الإعلام الرياضي!