لم أعتد أن أكتب في الشأن السياسي في هذه الزاوية، ولا منذ عرفت الكتابة، فاهتمامي كان دائما بالشأن المحلي، لا لشيء إلا لأني لا أحب الكتابة في هذا المجال، ولا أجيد فهم سراديب السياسة. لكن عندما يُمس أمن الوطن، وحدود الوطن، حينها سأكتب في السياسة، وفي الكيمياء، والرياضيات. وطن العز، والكبرياء، وطن ليس كلا يشبهه أي وطن أبداً.. أبداً، هو عزنا، ومجدنا، وتاريخنا، وقوتنا، وظلنا، وفرحنا، وهو أحلامنا، وطموحنا، هو الماء عندما تجف الينابيع، والسعادة عندما تضيق الدنيا في عيون الناس. في المساء كان المواطنون يغطون في نومهم، وكان الصقور من كل أرجاء الوطن يحلقون عالياً، من شماله، وجنوبه، وغربه، وشرقه، ومن وسطه. حلقوا عالياً بأرواحهم، وأرواحنا معهم، ليضيفوا للوطن تاريخاً آخر بعد صمت طويل، وصبر جميل. في السماء صقور، وعلى الأرض، وفي البحر أسود. يعيدون رسم الفرحة لشقيق عانى من قسوة الظالمين. هؤلاء يؤكدون هيبة الوطن لمَنْ اعتقدوا أن الصمت، والصبر مسكنة، وذلة. هؤلاء هم أبناؤنا، وإخواننا من كل شبر أتوا، وحلقوا بالوطن عالياً في ليلة فقد فيها الأشقاء الأمن، والاستقرار. هذا الوطن الشجاع هو الذي يمنحك العزة، والفخر. فالتقطع اليد التي تمتد إليه بالشر، ولتصافح اليد التي تمتد له بالخير. نعم هذا هو وطني الذي أعشق، هو الوطن الذي نسكنه، ويسكننا، هو القرار الحكيم في الوقت المناسب، والأسلوب المناسب. الشجعان فقط هم مَنْ يسطرون التاريخ للأجيال، هم فقط مَنْ يُخرسون الأصوات بالأفعال. نعم هذا وطننا، وهؤلاء أبطالنا، يدافعون عنا بعد الله. ادعوا لهم بالنصر، وأن يحفظهم الله. إنهم يعيدون توجيه البوصلة، ويقولون لمَنْ يريد أن يفهم، ولمَنْ لا يريد أن يفهم إن الصمت، والتحمُّل، وضبط النفس طويلاً لم يكن خوفاً، وجبناً بل حكمة، وروية لتجنب ما حدث، ولكن آخر العلاج الكي.