قدَّمت بعثة الأممالمتحدة للحل في ليبيا مجموعة أفكارٍ تشكل ركيزة لحل الأزمة المستفحلة في هذا البلد، وتشمل تشكيل مجلس رئاسي من شخصيات مستقلة وحكومة وحدة وطنية وبرلمان موحد في إطار مرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات جديدة واستفتاء على الدستور. وقالت البعثة، في بيانٍ لها أمس صدر بعد زيارة قام بها رئيسها برناردينو ليون إلى طبرق وطرابلس، إن هذه الأفكار جاءت «في أعقاب أسابيع من النقاشات مع كافة الأطراف وفي ضوء الوضع العسكري المتدهور». وشددت على أن هذه الأفكار، التي ذكرت أنها ليبية، لا تهدف إلى تقديم «تفاصيل ملموسة أو حل نهائي للأزمة غير أنها تشكل ركيزة يمكن للأطراف العمل بالاستناد إليها». وتشمل هذه المقترحات تشكيل حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي مكون من شخصيات مستقلة إلى جانب «مجلس للنواب يعد الهيئة التشريعية ويمثل جميع الليبيين في إطار التطبيق الكامل لمبادئ الشرعية ومشاركة الجميع». وفي ليبيا سلطتان تنفيذيتان وتشريعيتان، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي، ويتخذان من طبرق والبيضاء في شرق البلاد مقرات لهما، وحكومة وبرلمان مناوئان يديران العاصمة منذ أغسطس الماضي بمساندة جماعات مسلحة متحالفة تعمل تحت اسم «فجر ليبيا». ويجري طرفا الأزمة حواراً في المغرب لحل النزاع الذي يشكل حلقة من مسلسل الصراع المستمر على السلطة منذ إسقاط نظام معمر القذافي في العام 2011 والفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سنوات بعد رفض غالبية الجماعات التي قاتلت النظام السابق إلقاء السلاح. ومن الأفكار التي تطرحها الأممالمتحدة أيضاً تشكيل مجلس أعلى للدولة، وهيئة لصياغة الدستور، على أن يتم في مرحلة لاحقة من المحادثات تشكيل مجلس للأمن القومي ومجلس للبلديات. وذكرت البعثة الأممية أنه «سوف يتم تمديد فترة عمل هذه الهيئات خلال المرحلة الانتقالية الجديدة التي ستتفق الأطراف على مدتها على أن تنتهي بإجراء انتخابات جديدة بعد الموافقة على الدستور وإجراء الاستفتاء». وحذرت البعثة من أن ليبيا تواجه خطر «توسع انتشار المواجهات وتعمق الانقسامات وعندها سيشكل الإرهاب وتناميه تهديداً خطيراً على البلاد والمنطقة»، مشددةً على أنه «ليس بمقدور ليبيا الانتظار أكثر من ذلك للتوصل إلى تسوية يمكن أن تعيد الأمن والاستقرار وتنهي معاناة الناس». والتقى برناردينو ليون فجر أمس في طرابلس أعضاءً في المؤتمر الوطني العام، الذراع التشريعية للسلطة الحاكمة في طرابلس. وقبيل زيارته إلى العاصمة، قام بزيارة سريعة إلى مدينة طبرق، والتقى وزير الخارجية في الحكومة المعترف بها دولياً محمد الدايري و«بحثا الحوار وسير المحادثات»، بحسب ما أفاد في وزارة الخارجية الليبية. وذكر مصدر حكومي آخر أن ليون اكتفى بلقاء الدايري في مطار طبرق دون أن يخرج منه ويتوجه للقاء أعضاء في البرلمان كما كان متوقعاً بعدما نُظِّمَت مظاهرة في محيط المطار طالبت بعثة الأممالمتحدة ب «وقف الحوار مع الإرهاب». وتخوض القوات الموالية لطرفي الأزمة مواجهات في مناطق عدة تشمل منذ أيام مناطق قريبة من العاصمة من جهة الجنوب، وهو ما تعتبره الحكومة المعترف بها دولياً بداية لعملية عسكرية تهدف إلى «تحرير طرابلس». وتدور هذه المواجهات رغم تحذيرات بعثة الأممالمتحدة من أن الأعمال العسكرية الجارية قد تعرقل الحوار الدائر في المغرب حاليا. وأثارت هذه التحذيرات غضب مسؤولين في السلطات المعترف بها دولياً.