لاتزال رحلات الغوص البحرية التي تجسد حياة الغواصين والبحارة وأسرار هذه الحياة وما يكتنفها من تفاصيل وغموض، على رأس الفعاليات التي تستهوي العدد الأكبر من زوار مهرجان الساحل الشرقي الذي تحتضنه واجهة الدمام البحرية، حيث يحرصون على الوجود بالقرب من السفن القديمة التي تكون شاخصة أمامهم ليتذكر الجميع تلك الفترة. وتشارك سلطنة عمان ومملكة البحرين في المهرجان بخمسة محامل تقليدية مصنوعة من الخشب أربعة منها من مملكة البحرين، ضمن برنامج تقدمه اللجنة المنظمة للمهرجان بشكل يومي لتسيير رحلات غوص بحرية، تجسد حياة الغواصين والبحارة في رحلات الغوص والبحث عن صيد السمك واستخراج اللؤلؤ قديماً. وقال النوخذة العماني صالح علي مسلم إن مشاركتهم للمرة الأولى في مهرجان الساحل كانت عبارة عن محمل قديم تقليدي صنع قبل 60 سنة يرافقهم 14 بحارا، مبيناً أن الرحلة استغرقت أربعة أيام من عمان إلى ميناء الدوحة في قطر ومنها إلى البحرين لتستقر في الساحل الشرقي موقع الفعالية بعد خمس ساعات من وصولها ميناء البحرين، وأضاف «ما يميز مهرجان الساحل الشرقي تأصيله للتراث الشعبي بكل تفاصيله، والحرفيين المشاركين فيه الذين يعكسون الواقع القديم بدقة متناهية». وأشار إلى أن الأهازيج الشعبية المستخدمة لفتت انتباههم كونها من التراث الذي يكاد يندثر، كما أن التنظيم فاق الوصف من حيث التركيز على أدق التفاصيل. وأوضح مسلم مشاركة عدد من الحرفيين في المهرجان من بينهم حرفيو السعف وحرفيو شباك البحر الذي يصنع من الألياف، مؤكداً أن العادات والتقاليد تتشابه بين دول الخليج العربي من صيد السمك والفن البحري ماعدا الإيقاعات والأهازيج التي تميز كل دولة عن الأخرى، وأبدى رغبتهم في المشاركة في مهرجان الساحل سنوياً، داعياً إلى الاستمرار في تنظيم المهرجان والمحافظة على التراث البحري، ونقل هذا التراث للأبناء ليتعرفوا على ماضي آبائهم وأجدادهم والمعاناة التي كانوا يعيشونها لتوفير لقمة العيش لهم، حيث كان البحر يمثل مصدر رزقهم الوحيد. من جانبه، قال النوخذة البحريني عبدالله سلمان داوود إنهم يشاركون للمرة الثالثة في المهرجان عن طريق أربعة محامل و11 بحارا وأربعة نواخذة، مبيناً أن أقدم المحامل صنع قبل 123 عاماً وورثها أب عن جد بصناعة بحرينية بالكامل واستمر بناؤها لمدة عام. وأضاف أن المهرجان تطور عن العام الماضي بعد أن تم إضافة عدد من الفعاليات والحرفيين المشاركين، مؤكداً أن المهرجان يساهم في نقل تراث الآباء والأجداد للجيل الحالي، مشيراً إلى أن رحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ مازالت مستمرة في مملكة البحرين. وينقسم الغوص إلى خمسة أنواع هي: «الغوص، والعود والخواج والمينة والمطامس»، وكل منها يختلف بحسب المدة الزمنية، وأضاف «الغوص العود يستمر لمدة أربعة شهور وعشرة أيام، وتسمى بداية رحلة الغوص بالدشة والانتهاء منه بالقفال». وأوضح أن أغلب المراكب والمحامل تصنع حالياً من «الفايبر جلاس»، بينما في السابق كانت تصنع من الخشب الهندي، وتكمن مشكلة المحامل القديمة في عدم توفر قطع الغيار ويتم استيرادها حالياً من الإمارات من المسامير والخشب وغيرها. ووجه داوود رسالة لمنظمي المهرجان بأن يتم تمثيل الروح القديمة للتراث البحري والابتعاد عن التحديث والتجديد لأن الحياة القديمة للبحر كان لها طابع ومذاق مختلفين.