أظهرت الأوامر الملكية الأخيرة حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- في الحد من المجالس العليا نظراً لتداخل صلاحياتها وتعددها لتكون في مجلسين، وهما مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية؛ ليكونا مجلسين فاعلين مرتبطين مباشرة بمجلس الوزراء، ويقومان بالدراسات والاستشارات اللازمة لتكون مساعدة لمجلس الوزراء. هذه الأوامر والمراسيم الملكية وغيرها مما يراه ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- أو أي أوامر قادمة كانت نتاج الخبرة الطويلة والكبيرة والمتنوعة في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية والإنسانية، بل والتنمية المستدامة في كافة مجالاتها التي أسهم فيها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن. فمنذ أن تولى الملك سلمان إمارة الرياض قبل أكثر من خمسين سنة اتبع فيها أسلوباً حكيماً للإدارة، تجلت فيها خبرته وحنكته وقدرته على التواصل مع كافة فئات المجتمع من مثقفين ورجال أعمال وأكاديميين وصحفيين ومحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة إلى السياسيين والقادة، ليس في مدينة الرياض أو منطقة الرياض فحسب بل في كافة أرجاء المملكة. نظرت الجهات الأكاديمية في المملكة إلى هذه الخبرة بإعجاب وتقدير يمكن النظر إليها على أنها نموذج يستحق البحث والدراسة، وآمل أن تكون عناوين لأبحاث ودراسات وندوات ورسائل في الدراسات العليا. مما ظهر للعيان من تقدير الأكاديميين الذي يستحق الذكر والرصد، نذكر مكتبة الملك سلمان في جامعة الملك سعود وهي أكبر المكتبات الجامعية من حيث الحجم والمحتويات، ومعهد الملك سلمان للدراسات والخدمات الاستشارية في جامعة المجمعة الذي يجري دراسات وبحوثاً علمية في مختلف العلوم الإنسانية والاقتصادية والطبية، ومركز الملك سلمان للإدارة المحلية في جامعة الأمير سلطان في الرياض والمهتم ببناء وتطوير القدرات المحلية ويقدم -حسب ما يشير موقعه في الإنترنت- جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز للإدارة المحلية العربية في الأداء الإداري المحلي المتميز وفي البحث والتأليف والترجمة في مجال الإدارة المحلية، ونتمنى أن نرى هذه المؤسسة «مدرسة الملك سلمان للإدارة المحلية». يعلم الجميع أن الملك سلمان هو مدرسة للحكم المحلي؛ ولذا يجب رصد أسلوبه وجعله نموذجاً يتم تدريسه للأجيال المعاصرة والقادمة، أسوة بما تمارسه مدرسة فلتشر للقانون والدبلوماسية (The Fletcher School of Law and Diplomacy) في الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تصور فيها فلتشر إعداد مدرسة مختصة بتهيئة القادة العاملين في المجال الدبلوماسي. تهتم المدرسة منذ إنشائها بتعليم الأمور المتعلقة بالدبلوماسيين مثل القانون والعلاقات العامة والمعارف الأساسية والمهارات الشخصية والعامة التي يحتاج لها العاملون في هذا المجال، وقد تخرج فيها عديد من سفراء الولاياتالمتحدةالأمريكية والقادة التنفيذيين والوزراء وقادة حفظ السلام وعدد من المتميزين من الصحافيين والكتاب وقلة من الدول النامية. نأمل أن تكون خبرة الملك سلمان ومهاراته في الإدارة المحلية نموذجاً متاحاً يتأهل به كثير من القيادات الحالية في المملكة أو المتوقع أن يتسنموا المراكز القيادية في المستقبل. لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعمال كثيرة في الجانب الإنساني، ووصلت إسهاماته الإنسانية لعديد من المجتمعات خارج المملكة؛ فقد ترأس سموه كثيراً من اللجان المحلية والشعبية لمساعدة المحتاجين والمنكوبين في البلدان العربية والإسلامية. كما حصل الملك سلمان على أوسمة وميداليات عديدة لدعمه وجهوده الإنسانية التي قدمها لعدد من المناطق المنكوبة حول العالم. نذكر منها درع الأممالمتحدة لتقليل آثار الفقر في العالم، والوسام الأكبر الذي يعد أعلى وسام في جمهورية السنغال، ووسام البوسنة والهرسك الذهبي لدعمه وجهوده لتحرير البوسنة والهرسك، وغيرها من الأوسمة والجوائز والدروع والأوشحة لأعماله الاجتماعية والفكرية. كما تظهر الاهتمامات الإنسانية للملك سلمان -رعاه الله- في المناصب التي تولاها على الصعيد الداخلي خلال مسيرته، فالملك سلمان هو المؤسس والرئيس الأعلى لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وهو مركز دولي يدعم أبحاث الإعاقة، ويسهم في تثقيف أسر المعاقين، كما يضع المركز أولويات بحثية تهتم بالمعاقين بعد الاتصال بالجهات المعنية، كما يقوم بدعم أبحاث كثيرة تعمل على نقل التقنية والتجارب الدولية وتحسين التأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة في كافة أنواع الإعاقات والجمعيات المتخصصة فيها. كما يترأس جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري وهي جمعية خيرية يختص نشاطها بالإسكان والتنمية، إضافة إلى رئاسته الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في منطقة الرياض التي تقدم خدمات الرعاية التعليمية والصحية والمالية، إضافة إلى برامج التدريب والتوظيف وبرامج الترفيه والتثقيف.