والحب هنا ليس حب المسلسلات اليومية، ولا حب (بحبه يا بابا)! إنما هو حب المهنة. ومصطفى أمين (رحمه الله) يقول إذا لم تذهب لعملك كشوقك للقاء حبيبتك فلا تذهب! المحظوظ من يحب عمله، لأنه سيقضي جل عمره في عمله، وعمله سيكون مصدر رزقه ونموه وثقته بنفسه وسعادته أيضاً، لا مفر من عشق المهنة وإلا تصبح الحياة جحيماً لا يطاق، والمهنة ليست كالدراسة مرحلة وتنتهي لأنها أحياناً تصبح مصيراً أزلياً طول العمر. لكن هل يتوقف الموضوع عند الحظ فقط؟ وكيف تصادف الناس أعمالاً تحبها في وقت صعب فيه الحصول على وظيفة؟ ومسؤولية من أن يعمل الناس في أعمال يحبونها؟ هل هي مسؤولية المدرسة أم البيت أم الإنسان نفسه؟ أنا أعتقد أنها مسؤولية مشتركة، وإن كانت تعتمد كثيراً على المدرسة؛ لأنه في المدرسة يعيش الإنسان مقتبل حياته ويتلقى كافة العلوم، وفيها يكمن الدور التربوي في اكتشاف قدرات الطلاب وميولهم ومن ثم السعي الجاد نحو توجيههم الوجهة المهنية التي تناسب قدراتهم، وهذا الدور التربوي عالي المستوى أهم بكثير من التركيز على التلقين والحفظ ثم نسيان المعلومات. لابد أن يكون من مهام مدارس المرحلة الثانوية توجيه الطلاب حسب قدراتهم واستعدادهم الفطري إلى الكليات أو حتى المهن التي تناسبهم. ولتكن هنا مثلاً حصة تسمى (حصة المهنة) يدرسها تربويون متخصصون في هذا المجال ينورون الناشئة بما يناسبهم مستقبلاً، لأن المراهقين يختارون التخصصات حسب توصية رفاقهم أو آبائهم أو المجموع أو التخصص المطلوب وظيفياً. أنا عندي قناعة أن أي مبدع في مجاله سيجد الوظيفة وسينجح وسيسعد، المهم أن يكون هناك»حب المهنة». أديسون مخترع الكهرباء وصاحب آلاف الاختراعات الأخرى، كان أصدقاؤه يشفقون عليه وهو منكب على اختراعاته ويقولون له لقد أتعبت نفسك، لم لا تذهب لتستمتع معنا؟ فقال لهم أنا هنا لا أتعب، أنا أستمتع!