تسير المملكة العربية السعودية بخطى تنموية حثيثة في منظومة التطوير الشامل، الذي اتسع نطاقه؛ لينهض بخطط العمل في مختلف وزارات وأجهزة الدولة، ويستمد هذا التطوير زخمه من قطاعات شبابية مؤهلة ومدربة، جندت طاقاتها وتخصصاتها؛ لإرساء معادلة جديدة، مولية التجهيزات والتقنيات الدرجة الأولى في التنفيذ والمتابعة للبرامج المنبثقة من أطر فلسفية ونظريات ذكية في الإدارة؛ لتحديث أنظمة الدولة وقيادة المشهد الحضاري بجدارة ووعي فريدين، يؤسسان لحقبة تنموية رائدة. وهذه النهضة الحديثة من الثمرات الطيبة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي مكّن خريجي المرحلة الثانوية والدراسات العليا من الالتحاق بأرقى الجامعات والمراكز البحثية العالمية المتخصصة في المجالات العلمية والعلوم التطبيقية والهندسة والطب. وقد انعكست آثار هذا الانفتاح الأكاديمي على المبتعثين مكسوة بأحدث أنظمة ومناهج البحث العلمي النظرية والتطبيقية، كما شاركوا في المؤتمرات والمنافسات العلمية، ما أتاح لهم فرصة الالتقاء بجهابذة العلماء والمفكرين العالميين، وهو الأمر الذي أكسبهم خبرات عملية ومهارات فنية، وحفزهم على الإبداع، حتى سُجلت لهم براءاتُ اختراع في المحافل الدولية والمنابر الأكاديمية، وهذا مدعاة فخر لبلادنا العزيزة. وقد عاد هؤلاء المبتعثون لأرض الوطن، يحدوهم للمشاركة في عمليات البناء والتطوير عزمٌ أكيدٌ وحماسٌ منقطعُ النظير، فانبرى وعيهم بمتطلبات المرحلة، وفهمهم للمستجدات، وإلمامهم بمتغيرات الزمان والمكان، نحو استشراف أبعاد المستقبل وتطلعاته، والتأهب لاستيعاب تحدياته وفرصه. وانخراطهم في القطاعات الحكومية والخاصة؛ سيرفع – دون شك – سقف مخرجات العمليات التنموية والآمال المعقودة عليها. وكلما تهيأت الفرص أمامهم؛ لصقل مهاراتهم، واستثمار خبراتهم في الميدان العملي، كان ذلك وقودًا؛ لإطلاق عجلة السباق نحو مرحلة تنموية مزدهرة، أهم أهدافها: مواكبة الدول الصناعية المتقدمة، والتحول إلى مستوى عالٍ من الإنتاجية في مختلف المجالات. ويأتي ذلك منسجمًا مع التوجهات الحديثة لشركة (أرامكو السعودية)، التي كشف عنها رئيسها وكبير الإداريين التنفيذيين فيها المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، إذ أكد أن الشركة ستعمل على تحويل النفط إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، وتصديرها لدول العالم. وهذا شاهد حضاري على أن مملكتنا الحبيبة صاحبة قدم راسخة في مجالات التنمية والتطوير والاتجاه نحو بنية تصنيعية غير مسبوقة، تؤصل – من خلالها – تميزها في هذا النطاق. وأطمح أن يقود جيل المبتعثين القادمين من كبريات الجامعات العالمية الموجة التنموية الجديدة؛ لتتسع رؤاهم، فتشمل جميع أروقة الدولة الإدارية والصناعية والتجارية. كما أقترح أن تؤسس مراكز بحثية، تضطلع بدراسة المشاريع الاقتصادية، وترعى البرامج التصنيعية، معززة كفاءات الشباب، ومستثمرة خبراتهم في بلورة المنتج التنموي الوطني. ويبقى الأمل كبيرًا في مؤسسات القطاع الخاص؛ لتعاضد مؤسسات القطاع العام، في احتضان الكفاءات الشبابية الواعدة، وتمكينها من الولوج في مشاريع التنمية، وبرامج التطوير وتدريب العاملين؛ لإكسابهم مهارات جديدة، تمتزج بخبراتهم السابقة؛ لتتعزز جودة أدائهم المهني، وتدفع عجلة الإنتاج، وتحسن مخرجاته؛ لتشق طريقها – باقتدار- في أسواق العمل الدولي.