وسط حضور 500 شخصية اقتصادية محلية وعالمية، دشن أمس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان أمس فعاليات «منتدى جازان الاقتصادي 2015م»، بعنوان «شراكات استثمارية»؛ حيث أكد في كلمة له خلال المنتدى أن منتدى جازان الاقتصادي يأتي في سياق النمو المتسارع للمنطقة إنفاذاً لرؤية القيادة السديدة لإحداث تنمية متوازنة في جميع مناطق المملكة؛ حيث بدأت هذه الرؤية بحمد الله تؤتي ثمارها، وستظل كذلك في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -. وقال الأمير محمد بن ناصر: «جازان ليست فقط تلك المنطقة التي تحتضن 16 محافظة و40 مركزاً و4 آلاف قرية وهجرة، بل هي أيضا منطقة ذات القاعدة السكانية الكثيفة والكفاءات والقدرات العلمية المتمكنة في التخصصات، فضلا عن توفر المواد الخام وموقعها الاستراتيجي لمحاذاتها طرق الشحن على البحر الأحمر مما يجعلها أرضاً واعدة لمستقبل مشرق». وأضاف: «إن المتابع لِلحراك الاقتصادي والتنمية المتسارعة في منطقة جازان سيتبادر إلى ذهنه من اللحظة الأولى أن منطقة جازان تسابق الزمن، وهذا ما وعد به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله عند زيارته منطقة جازان في شهر شوال 1426 ه؛ فقد قال «لقد تأخرت مسيرة التنمية في جازان لظروف لم يكن لأحد يد فيها، إلا أن دولتكم عقدت العزم على إنهاء هذا الوضع باختزال المراحل ومسابقة الزمن وإعطاء جازان عناية خاصة». وتابع قائلاً: «وهذا ما نلمسه في النقلة النوعية والتنموية الكبيرة في مشاريع الطرق والصحة والزراعة والسياحة خلال العشر السنوات الماضية؛ حيث جاءت التوجيهات الكريمة لتضيف للمنطقة قفزات جديدة في جعلها منطقة جذب للمستثمرين في مجالي الصناعة والسياحة؛ بقرار إنشاء مدينة جازان الاقتصادية وتكليف وزارة البترول والثروة المعدنية ممثلة في شركة أرامكو السعودية، بتنفيذ البنية التحتية وإنشاء مصفاة جازان وفرضة بحرية لمصفاة البترول وإنشاء ميناء تجاري صناعي للمدينة الاقتصادية ليكون رديفاً لميناء جازان الحالي، مستعرضاً عديداً من الإنجازات التي تمت في المنطقة. وأكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أن التوجيهات الكريمة للقيادة الحكيمة بتطوير قطاع الصناعة والسياحة في منطقة جازان ما هي إلا دليل على اهتمام الدولة لتصبح منطقة جازان ضمن مصاف المناطق المتقدمة في المملكة الجاذبة للاستثمار، مشيرًا إلى أن المنتدى الاقتصادي سيدفع بجازان إن شاء الله إلى رأس قائمة الاستثمار في المملكة، وسيمثل كذلك فرصة لرجال وسيدات الأعمال وشركات الاستثمار من داخل المملكة وخارجها؛ لكي يتعرفوا عن قرب على هذه المنطقة الواعدة. وقال سموه: «مع تقديري الكامل للمبادرات التي ينفذها القطاع الخاص في المنطقة، فإن الجميع يتطلع إلى مزيد من مبادرات الشركات والمؤسسات الكبرى ورجال الأعمال، في توفير أسباب تطور منطقة جازان اقتصادياً وتجارياً، والاستفادة من الفرص المتاحة في عديد من المجالات التي سيتم استعراضها في هذا المنتدى الذي سيشكل بداية لمشاريع وشركات استثمارية وطموحات لا تتوقف بمشيئة الله، معرباً عن شكره لكل من أسهم في الإعداد والتحضير لهذا المنتدى وبالأخص وزارة البترول والثروة المعدنية والهيئة العامة للاستثمار وهيئة المدن الاقتصادية وغرفة جازان ومجلس الغرف السعودية». وثمن سموه في ختام كلمته الجهود المميزة لشركة أرامكو السعودية لتنظيم هذا المنتدى، وكذلك خطواتها المتسارعة في المراحل التأسيسية لمدينة جازان الاقتصادية ومصفاة النفط، عادًا أرامكو شريكاً استراتيجياً نحو النهضة الشاملة التي ستتحقق بإذن الله لمنطقة جازان وفي الوقت الذي ترفع فيه الشركة شعارها «الطاقة.. فرصة» فإنها قد حولت الشعار إلى خطوات فعلية قدمت من خلالها الفرصة لكل مواطني المملكة في تغيير حياتهم إلى الأفضل من خلال مشاريعها وبرامجها المميزة. من جهة أخرى ألقى وزير البترول والثروة المعدنية الدكتور علي النعيمي، كلمة قدَّم فيها شكره لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، وجميع من أسهم في إقامة هذا الملتقى المهم، الذي يتيح مزيدًا من فرص النمو والازدهار لهذا الجزء الغالي من وطننا، مبديًا سعادته بالتقدم الملحوظ والمستمر الذي تمر به المنطقة ككل، خصوصًا مدينة جازان الاقتصادية. وقال النعيمي: إن هذا المشروع يأتي كجزء من مجموعة مشاريع مهمة، تتبناها وزارة البترول والثروة المعدنية، في مختلف مناطق المملكة، فالدولة أعزها الله، تعطي الجوانب الاقتصادية والتنموية وبالذات التصنيع أهمية قصوى، وتقدم لها أقصى الدعم، ومن واقع حرصها على تحقيق تنمية شاملة تضم مناطق المملكة دون استثناء، وخير شاهد على الاهتمام الكبير بنمو الوطن وازدهاره، هو إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ونحن فخورون في وزارة البترول والثروة المعدنية، وشركة أرامكو السعودية، بأن نسهم في تفعيل هذه السياسة الاقتصادية، بما يعود بالمصلحة على المملكة العربية السعودية وطناً وشعباً». وبين الدكتور النعيمي أن وزارة البترول والثروة المعدنية تتبنى حالياً عدداً من المشاريع والمجمعات والمدن الصناعية المهمة، مثل مدينة رأس الخير على الخليج العربي، ومدينة وعد الشمال في شمال شرق المملكة، ومدينة رابغ على البحر الأحمر، فضلًا عن عدة مشاريع جديدة ومهمة في طور التخطيط أو التنفيذ. وتطرق إلى الرؤية التنموية، والفكر الاستراتيجي، والاقتصادي، لمشاريع المدن والمجمعات الصناعية، ومنها مشروع المدينة الاقتصادية في جازان، مؤكدًا أنها تهدف إلى تحقيق نتائج مركزية من أهمها توسيع القاعدة الاقتصادية للمملكة، والتركيز على التصنيع، وتعزيز القيمة المضافة، كخيار استراتيجي مستقبلي، من خلال بناء مشاريع صناعية كبيرة، ومتوسطة، وصغيرة، من أجل الأجيال القادمة، مع خفض الاعتماد، تدريجياً، على البترول في إجمالي الناتج الوطني، وفي ميزان المدفوعات، فعلى سبيل المثال نجحت المملكة خلال السنوات العشر الماضية في زيادة نصيب القطاع الصناعي في إجمالي الناتج الوطني من 135 إلى 276 بليون ريال، أي الضعف، ويؤمل أن يستمر هذا النمو خلال السنوات والعقود المقبلة. وفي قطاعي البترول والتعدين، لم نعد نقتصر فقط على تصدير البترول، أو المواد التعدينية كمواد خام، وإنما أصبحنا نركز أيضاً على تصنيع المنتجات المتوسطة والنهائية محلياً، ولكن تدريجياً، وبطريقة مدروسة. واختتم المهندس النعيمي كلمته قائلاً «لا شك لدي أنّ مستقبل المملكة العربية السعودية سيكون زاهراً في كافة مناطقها، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية – أيدهم الله -، والمسارعة في الخير والنماء سر النجاح، وتفاؤلي غير محدود بانطلاقة العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين، فقد انطلقت توجيهاته بحصافة وسرعة، شهد لها القاصي والداني». عقب ذلك ألقى رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين خالد بن عبدالعزيز الفالح كلمة عبر فيها عن فخر أرامكو السعودية بالثقة التي نالتها الشركة لتبني وجودًا استراتيجيًّا في المنطقة، من خلال تنفيذِ عددٍ من المشاريع الأساسية والمسانِدة تشمل تطوير البنية التحتية للمدينة الاقتصادية، التي تبلغ مساحتها 106 ملايين متر مربع، وإنشاء مصفاة جازان، وإنشاء محطة توليد الطاقة، والميناء التجاري، ومحطة لتحلية المياه المالحة، فضلاً عن مدّ الطرق، وشبكات المياه والصرف الصحي، وإيصال الكهرباء، لتُوفر هذه المشاريع بمجملها قاعدةً متينة للاستثمارات في الصناعات الثقيلة والثانوية والبتروكيميائيات والصناعات المعدنية، واستثمارات تحويلية أخرى تستفيد من الثروات المعدنية والزراعية التي تتمتع بها المنطقة. وأبان أن شركة أرامكو السعودية اهتمت بتنمية أبناء المنطقة؛ حيث تم إطلاقُ عددٍ من مبادراتِ التأهيلِ والتدريبِ بهدف بناء قوة عمل قادرة ومؤهلة من شبابِ المنطقة ليشغلوا وظائفَ هذه المشاريع في كافة مراحلها، ولم تنتظر انتهاء المشروع لتحقيق ذلك، بل انطلق بناء هذه القوة البشرية في العام الماضي حين تم توقيع اتفاقية تحالف مقاولي جازان للتدريب والتوظيف «مهارات»، في إطار شراكة استراتيجية مبتكرة مع مقاولي مشروع المصفاة وأرامكو السعودية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لتدشين معهدين للتدريب أحدهما في منطقة الحقو والآخر في منطقة الدَرْب، لافتاً إلى أن هذا التحالف يسعى لتدريب وتوظيف سبعة آلاف شاب سعودي من منطقة جازان على مهنٍ ووظائف صناعيةٍ متنوعة على مدى أربع سنوات، ونطمح أن يصل إلى 75 ألف وظيفة. وألقى محافظ الهيئة العامة للاستثمار عبداللطيف بن أحمد العثمان كلمة أكد فيها سعي المملكة لتحسين البيئة الاستثمارية وتطوير حزمة من الحوافز الاستثمارية، من خلال تخصيص عدد من الحوافز الإضافية المميزة للمناطق الواعدة ومن بينها جازان، مبيناً أن هذه الحوافز الخاصة بالمناطق الواعدة منها تمويل الصندوق للمشاريع الصناعية بنسبة 75% من إجمالي التمويل مع فترة سداد تمتد لعشرين عاما، ومنح المستثمر الأجنبي في المناطق الواعدة خصماً ضريبياً بمقدار 50% من تكاليف تدريب السعوديين، وكذلك 50% من تكاليف رواتب السعوديين، وبالنسبة للمشاريع الصناعية يمنح المستثمر أيضا خصماً ضريبياً بنسبة 15% من حصة غير السعودي. وأضاف أن المملكة حققت إنجازات عدة على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري؛ إذ احتلت المملكة المركز الثالث في مجموعة العشرين بالنسبة لسرعة نموها الاقتصادي ونظامها المالي المستقر. كما شارك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان في الجلسة الرئيسة الأولى لمنتدى جازان الاقتصادي التي قدم ورقة عملها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وجاءت بعنوان «الارتقاء بجودة الحياة هدف أساسي». واستعرض سموه خلال ورقة العمل دور الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي نفذت خلال السنوات الماضية عملية معقدة ومكثفة ومتقاطعة مع كافة الشركاء لتطوير السياحة في المملكة من خلال منظومة من المسارات وعشرات المشاريع لاستكمال منظومة السياحة في المملكة. كما استطرد سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار قائلا: «إن السياحة تمثل حالياً القطاع الاقتصادي الثاني في المملكة في نسبة توطين الوظائف وتوفير فرص العمل؛ حيث تشير تقديرات مركز المعلومات والأبحاث السياحية «ماس» التابع للهيئة في عام 2014م إلى أن حجم الاستثمارات السياحية بلغ 26 مليار ريال، في حين بلغ عدد الفرص الوظيفية المباشرة في القطاع السياحي 795 ألف وظيفة، منها 215.445 وظيفة يعمل بها سعوديون، يمثلون ما نسبته 27.1 %، فيما بلغ إسهام قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي ما نسبته 2.7%. وأشار سموه إلى أن التنمية السياحية تسهم في توفير البنية التحتية في المناطق الأقل نمواً، وتنمية المواقع والوجهات المحلية، وتنويع الاستثمارات في المنتجات والخدمات السياحية، إضافة إلى دورها الرئيس في اللحمة الوطنية، وربط المواطنين بإرثهم العظيم وتاريخهم العريق، واستقطابهم لمختلف المناطق، وتشجيعهم على قضاء جزء من إجازاتهم في الوجهات المحلية، وهو ما يسهم في توطين رؤوس الأموال المنفقة في السياحة الخارجية، التي قدرت خلال الصيف الماضي بمبلغ 29.6 مليار ريال. وأشار سموه إلى أن الهيئة حرصت على تحقيق الاستغلال الأمثل للجزر السعودية في كل من البحر الأحمر والخليج العربي لأغراض التنمية السياحية، وفق ضوابط محددة لتلافي الآثار السلبية على الأمن والبيئة، وقد خلصت لجنة مشكلة من عدد من الجهات الحكومية إلى مجموعة من التوصيات لتنفيذ خطة تنمية الجزر سياحياً، وقامت الهيئة بإعداد قائمة أولية شملت 59 جزيرة سياحية على ساحل البحر الأحمر والخليج العربي.