استنكر العالم أجمع (إلا من في قلبه مرض!) الاعتداء المشين على مبنى صحيفة تشارلي إيبدو مطلع السنة الحالية، نبذاً للعنف واحتراماً لأقل مقومات الحضارة، وقبلها تكريساً للإنسانية التي باتت تترنح ذات اليمين وذات الشمال وتحاول ألا تسقط حتى اللحظة. وعلى الرغم من كل ما قيل ويقال حول نهج الصحيفة الاستفزازي، إلا أن نبذ (الإرهاب) ومحاربته كان ومازال في ناصية كل من يتصدى للحديث عن هذا الموضوع من مختلف الأديان والأعراق واللغات، دون أن نستثني من ذلك المؤسسات الإعلامية الكبرى. في الأسبوع الماضي استيقظ العالم على جريمة لا تقل وحشية عن تشارلي إيبدو بل تتجاوزها حقداً وعنصرية وكراهية بمقتل ضياء ويُسر ورزان في الحرم الجامعي لجامعة كارولاينا الشمالية، في جريمة (إرهابية) بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعيداً عن كل المطاطيات التي حاولت وسائل الإعلام الغربية الكبرى تمريرها لتنطلي على المتلقي. ما حدث لضياء ويسر ورزان وعائلتهم المنكوبة أقضّ مضاجع كل الأسوياء في العالم للدعاء لهم بالرحمة وإدانة هذه الجريمة (الإرهابية) بكل قوة لضمان نيل هذا المعتدي (الإرهابي) جزاءه وبلا رحمة. الغدر بضياء ويسر ورزان ذوي الأصول العربية والديانة المسلمة وأصحاب الأيادي البيضاء التي يذكرها عنهم كل من عرفهم في الجامعة بعذرٍ سخيف كعدم وجود موقف سيارة ليس أكثر إيلاماً من التذاكي الإعلامي على القضية ووصف هذا (الإرهابي) ب(الرجل المسلح) بل وطرح الأسئلة عما إذا كان لديانتهم سبب في ما حدث! هذا السقوط الإعلامي الكارثي في التعاطي مع الحدث وتجزئته للمبادئ في ازدواجية معايير كارثية واضحة متجلية لن يتسبب إلا في تفاقم الصدع وطرح مزيد من الأسئلة حول صدق النيات في نشر السلام وتجريم الكراهية وإعادة شيء من الاتزان لهذا العالم المضطرب.