عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصره بالرياض أمس جلسة مباحثات رسمية مع ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وجرى خلال الجلسة استعراض آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى بحث مستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية. حضر جلسة المباحثات ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وأمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ووزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ووزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد العيبان، ووزير المالية الدكتور إبراهيم العساف. كما حضرها من الجانب الإماراتي ولي عهد إمارة دبي الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم ومستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي الشيخ هزاع بن زايد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد و نائب مستشار الأمن الوطني الشيخ طحنون بن زايد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الشيخ منصور بن زايد ومستشار رئيس الدولة الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة بن زايد ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش ووزير الدولة الدكتور سلطان الجابر ونائب وزير شؤون الرئاسة أحمد الزعابي والمستشار العسكري بمكتب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق ركن جمعة البواردي وسفير الإمارات محمد الظاهري. وقد أقام خادم الحرمين الشريفين في قصره بالرياض مأدبة غداء تكريماً لولي عهد أبو ظبي بمناسبة زيارته المملكة، حضره الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكرين والوفد الرسمي المرافق لولي عهد أبوظبي. ولي عهد أبوظبي وصل الرياض أمس، في زيارة للمملكة، وكان في مقدمة مستقبليه بمطار الملك خالد الدولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. كما كان في استقباله ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وأمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ورئيس المراسم الملكية محمد بن عبدالرحمن الطبيشي، وأمين الرياض المهندس إبراهيم السلطان، وسفير الإمارات لدى المملكة محمد سعيد الظاهري. وقد أجريت لسمو الشيخ محمد بن زايد، مراسم استقبال رسمية، حيث عزف السلامان الوطنيان للبلدين ثم استعرض حرس الشرف. بعد ذلك صافح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مستقبليه، من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وأعضاء السفارة الإماراتية في الرياض. كما صافح خادم الحرمين الشريفين أعضاء الوفد الرسمي المرافق لولي عهد أبوظبي. وبعد استراحة قصيرة في صالة التشريفات بالمطار صحب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في موكب رسمي إلى قصر الملك المفدى. وعقب الزيارة غادر ولي عهد أبوظبيالرياض، حيث كان في وداعه خادم الحرمين الشريفين لدى مغادرته قصره. كما كان في وداعه بمطار قاعدة الرياض الجوية ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين وعدد من المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وأعضاء سفارة الإمارات. جاء استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لسمو الشيخ محمد بن زايد ليؤكد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين. هذه العلاقة، التي أسس دعائمها الملك فيصل بن عبدالعزيز وأخوه زايد بن سلطان، رحمهما الله، تعد تاريخية بعمق الخليج العربي، وهي ضاربة في جذور التاريخ، وعلى مر العصور وهي في تزايد مستمر ومتصاعدة من جيل لجيل. ويدلل هذا الاستقبال على متانة وصلابة العلاقة بعيداً عما قيل وما يقال، وما يحيكه الأعداء لخلق الفرقة والعداء بين أشقاء في بيت واحد. وأتت هذه الزيارة لتوضح أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات الشقيقة يجمعهما الحب والإخاء، وتربطهما صلات ذات عمق استراتيجي وبعد وهم مشترك بينهما، يتمحور حول المواجهات العربية المشتركة والفاعلة لدرء الأخطار عن عالمنا العربي والإسلامي، ولتوحيد صف الخليج أولا ومن ثم صف الأمة العربية، خصوصاً أن المنطقة العربية تمر بأزمات وقلاقل متمثلة في تنظيمات وعصابات تسعى إلى زعزعة الاستقرار في بلدان كبلدان الخليج التي تتمتع بأمنها وأمانها، ولعل ما يحدث في اليمن والعمل الذي تقوم به الجماعة الحوثية يمنحنا الدلالة الأكيدة على أنه يجب العمل والتخطيط كوحدة واحدة في صف واحد بين أبناء البيت الخليجي، وهذا ما تفعله السعودية والإمارات في هذا الملف الذي غرس الجرح في عمق أشقائنا اليمنيين. بل إن هذه العصابات تغرس جذور الإرهاب في كل مكان اتجهت إليه من أجل زرع الفتن في الدول وبين الدول . وتأتي الزيارة لتكشف أن الرهان قائم على هذا التقارب بين دولتين لهما ثقلهما السياسي والاقتصادي، ويدلل على ذلك أن سياسة البلدين تتسم بالحكمة والاعتدال، وتضع الخطط الخارجية المتوازنة بتؤدة وهدوء وعقلانية، مرتبطة بالالتزام بانتمائها الخليجي والعربي والإسلامي، والسعي دوما إلى مناصرة الحق والعدل، واعتماد أساليب الحوار بين الأشقاء والأصدقاء. إن شفافية العلاقة بين البلدين ومتانتها قامت على أسس صلبة لا يمكن أن يعكر صفوها أحاديث أو تقارير استنتاجية تقرأ ما في عقولها ولا تقرأ الواقع بل إنها تقرأ ما تتمناه أن يكون دون أن تدرك تلك العقول المشوهة أنه لا يمكن الولوج في عمق التاريخ القوي والعلاقة التي تربط السعودية بالإمارات، ولن يخترق، فالبلدان متفقان على التمسك بالنهج الإسلامي، وعلى نبذ التطرف والإرهاب، والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، والسعي أن يسود السلام والمحبة أنحاء العالم، ونشر التسامح، ناهيك عن توحد الرؤية في حل القضايا الخليجية والعربية والإسلامية. إن الديبلوماسية التي تتمتع بها الإمارات والرؤية المعتدلة التي تسير عليها الدولة الشقيقة في سياستها الخارجية تدلل على الحكمة، وتعد مساهما حقيقياً في صناعة السلام على المستويين الإقليمي والدولي كما أن التفاعل التنموي بين الداخل والخارج في الإمارات وتدعيم مبادئ الحوار والتفاهم والصداقة أرست أطر السياسة الخارجية، ولم تتوقف عند هذا الحد بل إن انصبابها على تحسين الداخل بتعزيز الاستقرار والأمن والتنمية انعكس على الخارج بشكل حضاري أدى إلى تطوير تجارتها واستثماراتها، والانضمام لمجموعة اتفاقات دولية جميعها تتجه نحو الإنسان ومصلحة البشرية كافة مما ساهم في خلق مناخ دولي يدعو إلى السلم والأمن . «وقد لعبت الإمارات دوراً مهماً داخل مختلف المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، وعبرت عن دعمها لمعظم قضايا التحرر وحقوق الإنسان في العالم، خاصة في تونس وليبيا ومصر وسوريا، فقد أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، أن «دولة الإمارات سخرت جميع الإمكانيات والقدرات لرسم سياسة خارجية هادفة للدولة واضحة وفعالة تضعها في مصاف الدول المتقدمة على خريطة العالم وتعكس وبصورة فعالة الصورة الحضارية والمتقدمة لها». قراءة واحدة على عجالة لا تكفي لدور البلدين في المنطقة الخليجية والعربية والدولية، ولكن ما يوضح ضخامة هذه العلاقة هو أن العلاقات التجارية بين السعودية والإمارات بلغت حسب وزير الاقتصاد الإماراتي يوم أمس 72 مليارا وهو ما يمثل 50% من التبادل التجاري الخليجي. وهذا يمنح القارئ مقدار التقارب بين البلدين الشقيقين، ولن ننسى هنا الحميمية الكبيرة بين الشعبين، وأواصر النسب بينهما، بخلاف وحدة الدين والدم واللغة.