“وثيقة كامبل” عام 1907 جاءت بمبادرة من رئيس وزراء بريطانيا “هنري كامبل” شارك فيها كبارالمفكرين من تخصصات شتى من بريطانيا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا. كامبل التقط فكرة “التحدي والاستجابة” في قصة الحضارات لأرنولد توينبي التي مؤداها أن الحضارة البريطانية إلى أفول. انطلاقا من ذلك، قسم كامبل الحضارات في ذلك الزمن إلى ثلاث حضارات رئيسة. أولها حضارة المنظومة الغربية (أوروبا وأمريكا وأستراليا) وضرورة إعطائها الفرصة لإرث بريطانيا. ثم الحضارة الصفراء (الصين واليابان وأمريكا الجنوبية) التي يمكن الالتقاء معها على المصالح. ثم حذر كامبل من الحضارة الإسلامية واعتبرها الخطر الأكبر على القيم والمصالح الغربية، وضرورة اتخاذ ثلاثة تدابير معها: حرمانها من المعرفة والتكنولوجيا، توتير مشكلات الحدود بين دولها ثم دعم العرقيات والأقليات لتفتيت النسيج الاجتماعي لهذه الأقطار. وحينما نظر كامبل إلى خارطة العالم العربي وجد أنه يملك كل مقومات الوحدة الجغرافية والدينية والسياسية واللغوية؛ فجاءت فكرة إنشاء “إسرائيل” كجسم غريب وقاعدة عسكرية واستخباراتية أمامية وبؤرة استعمارية، مهمتها الأساسية فصل شرق العرب عن غربهم ومنع أي محاولة للوحدة العربية ودعم أي توجه للانفصال، وحرمان أي دولة عربية من التقدم العلمي والتكنولوجي وملاحقة علمائهم الكبار (انظروا ماذا حصل لعلماء العراق). الملاحظ أن الأحداث الكبرى في منطقتنا في المائة سنة الماضية تطبيق عملي لوثيقة كامبل. ومن سلم من مرض “العمى الإستراتيجي”، يكاد يجزم بوجود “حبكة ما” لتعديل محسوب على الخارطة العربية في هذه اللحظة التاريخية استغلالاً لحالات الفوضى والصراع الحالية.