إذا لم يقم الوزير أي وزير بزيارات ميدانية للإدارات والمرافق التي تتبع وزارته من أجل الاطلاع على سير العمل ومستوى الإنجاز، والتعرف عن قرب على المشكلات والصعوبات، فسوف تكون الرؤية ضبابية وغير دقيقة، مما ينتج عنها قرارات لم تستوف الدراسة، أما لماذا؟ فلأن بعض المديرين العامين سوف يزينون أعمالهم ويبالغون في شرح إنجازات إداراتهم من خلال التقارير والأوراق المليئة بالبيانات والإحصاءات، التي تحتاج إلى مراجعة من متخصصين، مما يستدعي الأمر القيام بزيارات مفاجئة، وحين تعتمد الوزارة على تلك الأضابير المليئة بالمعلومات غير الدقيقة، فحتماً سيتشكل لدى المواطنين ردود أفعال غير جيدة كعدم الرضا، فليس من المعقول أن يكتفي الوزير بالتقارير كمؤشر وحيد إلى جودة أو سوء الخدمة، لذا تكون مسؤولية الوزير مضاعفة، وينسحب هذا الإجراء أيضا على المديرين العامين. فمن الضرورة أن يقوم كل مسؤول بزيارات للإدارات والمرافق التي تقع تحت إشرافهم، فمثلا مدير عام الشؤون الصحية لا بد أن يضع في خطته زيارة المستشفيات وكذلك المراكز الصحية التي تكثر فيها المشكلات، وكذلك الحال بالنسبة لمديري الطرق والمياه والتعليم وغيرهم. الذي ساق هذا الحديث المستوى المتدني لمركز صحي مدينة الباحة، الذي يفترض تحسين خدماته، وتطوير إمكاناته، ومعالجة مشكلاته، ولكن مع الأسف الشديد أصبح في مستوى خدمي لا يليق أبدا بما تنفقه الدولة من أموال طائلة ودعم مستمر في سبيل تطوير الخدمات الصحية، وعلى مستوى جميع مناطق المملكة، على اعتبار أن الصحة أحد أهم مؤشرات تطور الأمم، فبها ومن خلالها يصبح المجتمع متعافيا من الأمراض والعلل ليتفرغ في العطاء والإنجاز. أول خطأ ارتكبته الشؤون الصحية في الباحة تحويل المركز الصحي الوحيد في المدينة الذي يخدم أكبر قطاع سكاني بالمنطقة ليكون مخصصا للمسنين، وهذا التحويل المفاجئ جاء في ظروف غامضة، حيث لم يستند على مؤشرات الحاضر أو المستقبل كتزايد عدد السكان وتنامي العمران، بمعنى أكثر وضوحاً لم يأت بتخطيط مدروس، وأي عمل يجيء بهذا الأسلوب سوف تنجم عنه ومنه مشكلات، وهذا الذي يحدث بالفعل في هذا المركز، ومن بينها عدم توفّر قسم للأشعة، مما يضطر المرضى للذهاب إلى مراكز أطراف المدينة ليتسنى لهم الحصول على هذه الخدمة، علماً بأن قسم الأشعة كان موجودا في المبنى السابق المستأجر، وحين تحول إلى مبنى حكومي رأى القائمون في الشؤون الصحية في الباحة من عندهم أنه لا يحتاج إلى قسم الأشعة، ولا ندري على أي أساس اتخذوا هذا القرار؟ وهذه ليست مشكلة فقط في سوء التخطيط ، بل حتى في الأدمغة التي وافقت على ذلك، ولا يوجد اختصاصي أطفال بحجة أن المركز يخص المسنين، أما أطفال المدينة فليذهبوا إلى أي مكان!! أما جهاز تحليل الدم فلا يوجد له كنترول من أجل الوثوق في التحاليل، أيضاً ليذهب المرضى إلى أي مكان آخر! غير مهم!! وفوق ذلك سوء تنفيذ المبنى والأفنية المجاورة، حيث ترتفع غرف التفتيش بشكل مخجل مما يعيق حركة السيارات وتقلل من مساحة المواقف، وزيادة على ذلك الأعطال المستمرة لمضخة المياه، أي أن المركز في بعض الأحايين يظل دون ماء، وثالثة الأثافي انعزال المركز عن العالم، حيث مضى أكثر من عام ولا يوجد به خدمة هاتف، الذي أعرفه أن هذه الخدمة مهمة من أجل التواصل مع الأسر، لإبلاغهم بمواعيد التطعيم ومتابعة النساء الحوامل وغير ذلك من الخدمات المهمة في عملية التواصل بواسطة الهاتف، ومما يزيد الوضع حزنا رداءة الأثاث وعدم مراعاة وجود مختبر عند تصميم المبنى والاكتفاء فقط بتوفير مختبر المشرحة، على اعتبار أنه مخصص لكبار السن. السؤال: كيف تمكن المسؤولون في الباحة من إقناع المسؤولين في وزارة الصحة بتحويل مركز صحي يخدم شريحة واسعة ليكتفي فقط بتقديم الخدمة للمسنين؟ وعلى افتراض أن مدينة الباحة تحتاج إلى مثل هذه الخدمة لم لا تنشئ مركزاً صحياً آخر في داخل المدينة، سيما وأن السكان يتزايدون والعمران يتسع في كافة الاتجاهات. كنت أيضا أتساءل هل قام مدير عام الشؤون الصحية الدكتور حسين الرويلي بزيارة لهذا المركز ووقف ميدانيا بنفسه ليرى بعينيه سوء تنفيذ المبنى والمشكلات التي يعاني منها؟ أم أنه اكتفى بالتقارير المبهمة التي تصله؟ ينبغي أن نعرف!!