صوَّت مجلس النواب اللبناني بغالبية أعضائه أمس الأربعاء على تمديد ولايته لسنتين و7 أشهر بعد تعذر إجراء الانتخابات على خلفية الصراع السياسي في هذا البلد الذي يعاني من ارتدادات النزاع الدامي في سوريا المجاورة. وصوَّت 95 نائباً من بين 97 حضروا الجلسة على تمديد ولايتهم حتى يوم 20 يونيو 2017، علماً أن هذا التمديد هو الثاني للمجلس النيابي الذي كان من المفترض أن تنتهي ولايته في 20 يونيو 2013 قبل أن يجري تمديدها ل 17 شهراً. وبذلك يكون النواب اللبنانيون بقوا في مناصبهم لولاية برلمانية ثانية كاملة من 4 سنوات دون انتخابات، حيث إن ولايتهم الأولى بدأت في يونيو 2009. وترافقت عملية التصويت في مجلس النواب مع مظاهرة للمجتمع المدني رافضة للتمديد شارك فيها نحو 100 شخص في منطقة قريبة من البرلمان حاولوا خلالها منع النواب من الوصول إلى مقرهم وقاموا برمي الطماطم على مواكب بعضهم. ويقول نواب إن عملية التمديد جرت بسبب الخلافات التي تعصف بالعملية السياسية التي أدت إلى فراغ في سدة الرئاسة منذ أشهر حيث فشلت الكتل السياسية في انتخاب رئيس، إضافةً إلى عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد، وكذلك نظراً للأوضاع الأمنية الهشة التي يشهدها لبنان على خلفية النزاع السوري. واعتبرت النائب ستريدا جعجع المنتمية إلى حزب القوات اللبنانية المسيحي أن «تعطيل الاستحقاق الرئاسي الذي يسبق الاستحقاق النيابي هو الذي أوصلنا إلى خيار التمديد». وأضافت في مؤتمر صحفي عقب الجلسة التي جرى خلالها التصويت على اقتراح التمديد أن «عدم السير بالتمديد يقودنا حتماً إلى الفراغ وإلى مزيد من تفكك المؤسسات الدستورية في خضم المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة». ومنذ أبريل الماضي، أرجأ مجلس النواب اللبناني 14 مرة جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما انتهت ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو. وتتطلب جلسة انتخاب رئيس حضور ثلثي أعضاء مجلس النواب (86 من أصل 128). وتدعو كتل نيابية إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل إجراء انتخابات نيابية جديدة. وغاب عن جلسة أمس نواب التيار الوطني الحر الذي يقوده الزعيم المسيحي ميشال عون، وكذلك نواب حزب الكتائب المسيحي. وقال وزير الخارجية المنتمي إلى التيار الوطني الحر، جبران باسيل، في مؤتمر صحفي عقب الجلسة التي شارك فيها نواب حزب الله حليف التيار الوطني الحر وصوَّتوا خلالها لصالح التمديد «شهدنا اليوم عملية سطو على المجلس النيابي بالتمديد دورة كاملة». وسبقت التوافق على التمديد الأول للمجلس تجاذبات طويلة حول إقرار قانون انتخابي جديد استمرت أشهراً من دون التوصل إلى صيغة قانون ترضي الجميع. واتفق النواب على وضع قانون انتخابي في الفترة الفاصلة عن الانتخابات، وهو ما لم يتحقق. ويأتي تمديد المجلس لولايته في وقت يتعرض لبنان لهزات أمنية متتالية ناتجة عن تداعيات النزاع في سوريا المجاورة، كان آخرها معركة استمرت 3 أيام بين الجيش اللبناني ومجموعات متشددة في طرابلس (شمال)، أسفرت عن مقتل 16 شخصاً هم 11 عسكرياً و5 مدنيين، بالإضافة إلى عدد لم يُحدَّد من المسلحين. وقال النائب باسم الشاب المنتمي إلى كتلة المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري «نحن مع الانتخابات وليس مع التمديد ولكن الظرف الأمني وبإجماع الجميع لا يسمح بالانتخابات البرلمانية على الأراضي اللبنانية». وينقسم اللبنانيون بين مؤيد للنظام السوري وحليفه حزب الله الذي يقاتل إلى جانبه، ومتحمس للمعارضة. ويطالب خصوم حزب الله في لبنان الحزب بالانسحاب من القتال في سوريا، محملينه مسؤولية التداعيات الأمنية للنزاع على البلد الصغير ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة. وكان زعيم جبهة النصرة المتطرفة، أبو محمد الجولاني، هدد في مقابلة صوتية مسجلة تم بثها أمس الأول الثلاثاء بأن المعركة في لبنان مع حزب الله لم تبدأ بعد، مؤكداً أن مسلحي الجبهة يحضرون لمفاجآت عند الحدود بين سورياولبنان. وقال في ما قُدِّمَ على أنه أول مقابلة صوتية له «إخواننا في منطقة القلمون (السورية الحدودية مع لبنان) يخبئون في جعبتهم كثيرا من المفاجآت، والمعركة الحقيقية لم تبدأ بعد في لبنان». وأضاف «القادم أدهى وأمرّ على حزب الله، ولعل حسن نصر الله سيعض أصابعه ندماً على ما فعله في أهل السنة في الشام في الأيام القادمة». وجاء بث هذه المقابلة – التي لم يمكن تحديد التاريخ الذي أجريت فيه – بعد ساعات قليلة من توعد الأمين العام لحزب الله «التكفيريين» بالهزيمة، مجدداً التزامه بالقتال في سوريا إلى جانب قوات النظام.