يطالبُ المواطنون الحالمون بامتلاكِ مساكن بضرورة الإسراع في تطوير الأراضي البيضاء داخل النطاقات العمرانيَّة للمدن، لخفض أسعار قطع الأراضي السكنيَّة لحلِّ أزمة السكن للمواطنين كتوجُّهٍ حكوميٍّ ينبغي دعمه شعبيَّاً لتحقيق الأهداف الوطنيَّة السامية لحفظ حقوق المواطنين بامتلاكهم مساكن مناسبة في مخطَّطات تأخذ بعين الاعتبار تطوير البنية التحتيَّة، فمشكلة السكن أصبحت هموماً مؤرِّقةً في الوطن ولشريحة كبيرة من المواطنين؛ لذلك ينبغي أن تختفي نظرية أنَّ الأرض لا تأكلُ ولا تشربُ، تلك النظريَّة التي أفرزتْ توجُّهاً عقاريَّاً احتكاريَّاً بإبقاء الأراضي البيضاء دون تطوير، أو باحتكار معظم القطع السكنيَّة في المخطَّطات المطوَّرة دون تسويق، احتكار من قبل من لا تعنيهم أزمة سكن المواطنين وأزمة مرافق الخدمات الحكوميَّة، فأسعار قطع الأراضي السكنيَّة ارتفعتْ خلال ال 15 عاماً الماضية بما نسبته 800% في الحي الذي أسكن فيه في محافظة عنيزة، بل وتجاوز سعر المتر المربَّع 1,000 ريال في آخر المخطَّطات المطوَّرة، فهل سيمتلك الشابُّ الجامعيُّ المتخرِّجُ حديثاً إذا ما تحقَّق حلمه بالتعيين الوظيفيِّ الحكوميِّ قطعة أرضٍ سكنيَّة إلا إذا استطاع توفير نصف راتبه الشهريِّ ولعشر سنوات، هذا فيما لو بقيتْ القطعُ السكنيَّة بأسعارها الحاليَّة، ثمَّ كيف سيعمِّرُ مسكنه بعد ذلك؟!؛ إذْ كثيرون يصرفون النظر عن الاستفادة من قروض صندوق التنمية العقاريَّة حينما يعلنُ الصندوقُ أسماءهم؛ لأنَّهم لم يمتلكوا أراضيَ يعمِّرون عليها مساكنهم، أو لأنَّهم ملكوها وما سدَّدُوا بعدُ أقساط قيمتها، أو لتخوِّفهم من ديون أخرى تنتج عن تعميرها. وأمام هذه المشكلة المتفاقمة مع الزمن حتَّى غدتْ أزمةً تؤرِّق الوطن والمواطن وُجِدَ أنَّ الحلَّ يكمنُ بفرض رسوم على الأراضي البيضاء تتضاعفُ سنويَّاً كتوجُّهٍ سيكون له تداعياته بانخفاض أسعار الأراضي الممثِّلة العقبة الأولى في أزمة السكن، حلٌّ عرضه معالي وزير الإسكان على هيئة كبار العلماء باعتباره شأناً مدنيَّاً اجتماعيَّاً يعالج احتكار العقاريِّين للأراضي البيضاء فوجد من بعضهم إعاقةً في قبوله وتشريعه تنظيميَّاً وقانونيَّاً، وأحسبُ أنَّ أولئك لم يتبيَّنوا بعدُ حجم المشكلة ولا أبعاد هذا الحلِّ لتخفيف تأثيرها على استقرار المواطن والوطن، فاستمرار الأراضي البيضاء داخل النطاقات العمرانيَّة في الجمود لعقودٍ وعدم استجابتها لمتطلَّبات دورات البناء الاقتصاديَّة لم يتسبَّبْ بأزمة السكن المتفاقمة فحسب، بل وتسبَّبَ بإعاقة التنمية العمرانيَّة وعطَّل مشاريع تطوير المدن ومرافق خدماتها العامة، بل وسيظهر بشأن التمويل العقاريِّ للمواطنين الراغبين بتعمير مساكنهم بصدور قوانينه المنتظرة كقانون الرهن العقاريِّ باعتباره عائقاً أكبر تأثيراً في مشكلة السكن، وبالنَّظر لهذه المشكلةِ في محافظة عنيزة، إذْ تكاد تنعدم الأراضي البيضاء غير المطوَّرة داخل نطاقها العمرانيِّ فإنَّ الحلَّ فيها وفي مدن الوطن الأخرى المشابهة لها يُطْرَحُ بالآتي: – تطوير الأراضي الخضراء داخل النطاق العمرانيِّ لمحافظة عنيزة والشاغلة مساحاتٍ كبيرة وسط المحافظة ملاصقة لمنطقتها المركزيَّة غرباً وجنوباً، وعلى طول الامتداد الأوسط والغربيِّ لشارع الملك سعود، والامتداد الأوسط والجنوبيِّ لشارع ولي العهد، والامتداد الغربيِّ والأوسط لشارع الشيخ عبدالرحمن السعدي، ولمسافاتٍ أطول متعامدة يميناً ويساراً على تلك الشوارع، فتلك الأراضي الخضراء تشكِّل المزارع القديمة جداً المنشأة في القرون الوسطى والمحتوية على آلاف أشجار النخيل العالية من أصنافها القديمة غير المرغوبة والمهملة الآن، ويعاق تطويرها بنظام لوزارة الشؤون البلديَّة بحجَّة إبقائها لتلطيف البيئة، وربَّما لأنَّها غدتْ مواريث مفتَّتةً بين أجيال متتابعة يتطلَّب حصراً لوارثيها وإجراءات متشعِّبة، وأحسبها بوضعها القائم يمكن تطويرها لدفع أسعار القطع السكنيَّة للانخفاض حلّاً لمشكلة السكن، وللبلديَّة اشتراطُ ما نسبته 10% من مساحاتها لتكون حدائق في أحيائها، وما أسماء الأحياء الشرقيَّة للكتلة القديمة لمدينة عنيزة إلا مسمَّيات تشير لمزارع قديمة استوعبت التمدُّد العمرانيَّ للمدينة واحتياجاتها لمساكن آنذاك منذ النصف الثاني من القرن 13 ه وحتَّى نشأة بلديتها وصدور النظام المعيق لتطوير المساحات الخضراء القائمة. – معالجة الاحتكار العقاريِّ للمخطَّطات المطوَّرة، فلقد لوحظ أنَّ مطوِّريها خطَّطوا لرفع أسعارها بشرائهم معظم قطعها بالمزايدة العلنيَّة عليها؛ ليعرضوها للبيع في مكاتبهم العقاريَّة ممارسين احتكاراً عقارياً مكشوفاً؛ بل وخفَّضوا أسعارها بإعلانات في مواقعها 30 % عن أسعارها في الحراج، فَلْتَصْدُرْ أنظمةٌ تحدِّد نسبةً لا تتجاوز 20% من عدد القطع السكنيَّة في المخطَّطات المطوَّرة يمكن للمطوِّرين امتلاكها؛ ليحال بينهم وبين أساليبهم الاحتكاريَّة، فالشرع يمنع المالك من المزايدة على سلعته.