وضع الموت، أمس، حدَّاً ل 81 عاماً عاشتها مريم فخر الدين. وتوفيت نجمة السينما المصرية في خمسينيات القرن الماضي وستينياته في مستشفى السلام القاهريِّ بعد تعرضها لنزيف حاد من الفم، لتُنهي الفصل الأخير من أمراض الشيخوخة التي لاحقتها منذ قرابة عشرين عاماً، وبلغت قسوتها باستئصال إحدى كليتيها. وكانت آثار التقدُّم في السنِّ قد ظهرت على وجه النجمة الرقيقة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين أخذت التجاعيد تُغيِّر ملامح الممثلة التي برعت في أدوار الشابَّة العاطفية الحزينة. وبلغت فخر الدين ذروة مجدها الفني في السينما المصرية في عقدَيْ الخمسينيات والستينيات عبر هذه الأدوار المنسجمة مع ملامحها وسنِّها، إلا أنها أدَّت أدواراً أخرى بعيدةً عن دور الفتاة الحزينة المغلوبة على أمرها، وشهد لها نقاد ببراعة الأداء. وعلى صعيد الحياة الشخصية، تزوجت مريم فخر الدين أول مرة عام 1952 من المخرج محمود ذو الفقار الذي دعمها في أفلامه. وقد أنجبا ابنتهما «إيمان»، غير أن الزواج لم يُكتب له النجاح، فانفصلا بعد 8 سنوات، لتتزوج مباشرة من محمد الطويل، وأنجبت منه «أحمد»، ثم انفصلا بعد 4 سنوات. وبقيت بلا زواج حتى اقترنت بالمطرب السوري فهد فلان الذي سرعان ما انفصلت عنه، لتتزوج لاحقاً شريف الفضالي، ويلقى الزواج الرابع المصير نفسه. وفنِّياً، وُصفت مريم فخر الدين بأنها «من الممثلات المحبَّات لعملهن والمخلصات»، وظلت طوال حياتها الفنية تعمل دون انقطاع لتخرج من نجاح إلى آخر. ويُشار إلى أفلامها «رنة خلخال»، و«رحلة غرامية»، و»أنا وقلبي» على أنها علامات نجاح بارز في تاريخها السينمائي، إضافة إلى قائمة أفلام برعت فيها كمؤدية محترفة، وخاصة في أفلام: «الأرض الطيبة»، و«رُدَّ قلبي»، و«حكاية حب»، و«البنات والصيف»، و«القصر الملعون»، و«طائر الليل الحزين»، و«شفاه لا تعرف الكذب»، و«بصمات فوق الماء». وكل هذه الأعمال نجحت على مدى 35 سنة، وبعد 1991 مثَّلت في «احذروا هذه المرأة»، ثم «النوم في العسل» عام 1996. وتجاوز رصيدها الفني حاجز ال 250 فيلماً تنقَّلت فيها من أدوار الفتاة إلى الأم إلى المُسِنَّة، وشاركت كبار نجوم السينما والفنِّ المصريين في أعمال كبيرة. غير أن تراجع صحتها، في السنوات الأخيرة، حجب عنها كثيراً من الفرص، خاصة أنها عبَّرت عن مواقف حادة إزاء السينما الشبابية الجديدة. وبقيت تصارع المرض والانكفاء على ذاتها، حتى فارقت الحياة أمس في العناية المركزة.